رحلة الى أرض المعني الكبير

قد يغفل معشر القراء عن صعوبة الإمساك بالقلم, و الشروع بالكتابة, حينما تكتب و قلبك يفيض بالخجل, يفيض بالحنان, يفيض بالحب, بالإمتنان, بالفرح, والخوف…

لم أعتد أن اكتب عما يضج في صدري و عقلي من مشاعر, لذا, لن أكتب عني, سأكتب أليكم, و اليها.

هي أشبه بالفراشة, هي إنعكاس روح في مرآة, هي أقرب لوصف الأميرات, ما أقربها من عشتروت, جمالها, جمال بيروت, جمال الحمراء, جمال الأندلس و الشام, جمال آلهة تتألق في بحر, بل صدف ملون يبرق ليعكس وجه مكون فنان.

هي وصف قصة خيالية, هي جنون قائم بذاته, الجنون عندي, يحملني و يحملها, ربما رغماً عنها, الى قصص الأميرات, أميرات لبنان, أميرة كلها جاه, تتألق جواهراً تعكس الغنى, تعكس روح شعب وقصة, تعكس يوماً ربيعياً من أيام الجرود, تعكس أنوار بحر بيروت, الى جبل أشم, هي أميرة فاق وصفها أميرات بلاد المعني الكبير.

يحملك الخيال لتطير, و تعود الى الماضي, ها انت على مقربة من إمارة فخر الدين, هنا التوت, هنا الكروم, هنا الفلاح السعيد يغني, تماماً كما كنت تتخيل كلما قرأت كتاباً.

تلتفت يمنة الى الى القناديل, تضيء سماء الليل الآمن, و تلتفت يساراً و تراها هنا أيضاً, تقف قرب عين ماء, فتغرق, ونفسك, تغرق في وصفها…

ترى تلك الأميرة واقفة هناك, لايقيها من عينيك سوى شجرة, تحرس ما بقي في نفسك من خجل, كل ما حولها يتفاعل معها, كأنها و الطبيعة في عرس من الرقة اللامتناهية.

مباركة تلك الأرض, مرقداً لسباتها, مسرحاً لرقصها, وساحة لركضها, مباركة السماء تضج بضحكتها, مباركة الماء تعكس حمرة خجلها, كالمجنون أنت تهرع أليها, تحدثها, تلاطفها, وتعترف بحبها, لا تعترف لها ! بل تعترف للماء, لا تكلمها ولاتكلمك, بل تتخاطبان عبر الماء, بحركة من اليد, تهتز صفحة الماء برسائل متبادلة, تنقل مشاعراً و أحاسيساً جميلة.

تحذوك الجرأة أخيراً على النظر في عينيها, ترى جرس الآمال تنعكس الى الخارج, الى الجو المحيط بكما, عيناها تحوي الكثير والكثير من المعاني التي تحتار في تفسيرها, تقرأ في عيناها مالاتستطيع إخفاءه عنك, فتشيح بنظرها, الى الشمس التي ترسل آخر خيط من خيوط نورها المسائي الشحيح, لترى إنعكاسها على الأرض, فيبدو كل شيء ذهباً يتألق, هو سحرها في الحزن المسربل بالغسق.

تعود اليها وتنظر نظرة خوف من قرارها, تتظاهر بالإنتباه الكامل, إن كلمتك, وأنت بالحقيقة تقرأ الأمل من شفتيها, علها أخيراً تقولها, فتعطيها أنت ثمرة عشق, جائزة حب سرمدي غريب.

يمر الليل, وينبلج النهار, فتتنبه لحالك و إياها, فتعود هي الى الواقع بعباءة الجمال لتبقى أميرة متوجة, فيما أنت تعود الى كرسي مكتب قاس ينخز وسطك, وتعود قرقعة الأزرار لتأكل سكون الليل, لتتناسى أنت مرغماً أن ما بين الحلم و الحقيقة, أكثر من ضحكة تناديك, فتستجيب.

نشرت في جريدة النهار بتاريخ 8 شباط 2008


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *