يروي سلام الراسي في احد كتبه ان سائحاً إستأجر حماراً من مكارٍ وركب عليه وسافرا سوياً، من بيروت الى مرجعيون، وعندما إنتصف النهار نزل السائح عن ظهر الحمار، ليرتاح، وإذ لم يجد مكاناً ظليلاً، أراد أن يجلس في ظل الحمار الواقف، فمنعه المكاري قائلاً ” أنا أجرتك الحمار، لكنني لم أؤجر ظله، بل إحتفظت به لنفسي”.
قال السائح “ولكن ظل الحمار من توابعه، ولا يمكن فصله عنه، ويحق لي أن أتمتع به”.
وأحتدم الجدال بين الرجلين وتطور الى مشاحنة، فشجار، فعراك بالأيدي.
وكان ذلك بالقرب من إحدى القرى، فهرع عدد من رجال القرية وفصلوا بين السائح والمكاري. وعندما علموا أن موضوع الخلاف بينهما هو ظل الحمار “تنطح” أحد رجال القرية وقال “أنا أقول أن ظل الحمارهو حق من حقوق مستأجره” فأنبرى آخر من بين الجمع “لا بل إن ظل الحمار هو لصاحب الحمار”.
أيد بعض الحاضرين رأي الأول، فيما دافع آخرون وتحمسوا لرأي الثاني، وبدأ النقاس وحمي الجدال، ومالبث أن تطور الى “مشاتمة” و “مدافشة” و “إقتتال” بين رجال القرية.
عندئذ، ركب السائح والمكاري على ظهر الحمار سوياً وإنصرفا، وبقي أهل القرية منقسمين ومتقاتلين، حول قضية ظل الحمار الى يومنا هذا.
هذا الذي صار… صار ظل الحمار قضية، والقضية أنبتت قضايا، والقضايا أنجبت أعوان وصار لها أنصار، وشهداء و أبطال، وضحايا، وخراب ودمار ونصر إلهي ووعد صادق ورعد وخيبر… والحبل على الجرار
ولأن هشاشة الوحدة الوطنية اللبنانية تستدعي الحفاظ عليها بشتى السبل، أقترح ان يقوم لبنان بترحيل أو تصدير كافة الحمير الموجودة ضمن أراضيه حتى (والشر برا وبعيد) لا يصبح ظل أي منها مدخلاً لحرب جديدة…
اترك تعليقاً