ندمت، ولات ساعة مندم

أنا، والعياذ بالله من كلمة أنا، صاحب الصوت المخطوف.

لا أدري، ولا أعرف، ولا أفقه، ولا استطيع حتى ان احلل كيف اني “فقعت” مشواراً حتى بنت جبيل، محل ولادتي و مكان تصويتي بحسب القانون المتخلف الذي ولد قبلي بحوالي عشرون عاماً، لا بل و إصطحبت معي صديقي التركي وجررته الى أقصى الجنوب وجنيت عليه وعلى سيارته المتهالكة على نفسها، وعلى اتاتورك العلماني وصورته على زجاج تلك السيارة في قلب عاصمة التحرير وخزان التصلب الشيعي، لأشارك، وأمارس واجبي نحو نفسي ونحو مواطنيتي التي أؤمن بها شديد الإيمان متجاهلاً كل الأخطار التي قد تلحق بي من ابناء مدينتي بنت جبيل من اقرب الأقارب الى أبعدهم، وهم يعرفون حق المعرفة اني لست من مناصري حزب الله، وهذه التهمة بدورها قد تكون كافية لتتسبب بصداع و إرتجاج في المخ بفعل يد او عقب بندقية احد المؤمنين بأنه دائماً على حق دونما اي جدل.

لا استطيع حتى ان افكر كيف انه وبعد إستحالة إيجاد مرشح يدعم الخط السياسي الذي أؤمن به انني قمت نكاية بالحشود المتجمهرة خارجاً و المستعدة لأن تبصم بالدم، اقدمت على ترك ورقة الإقتراع بيضاء، ورميت صوتي في الصندوق الشفاف كأنني رميته نحو الهاوية متصوراً انه سينجب وريقات أخرى في طريقه الى اسفل تدك دويلة الإنفصال المقاوم للهوية، ودمغت يدي حبراً أزرقاً دلالة على قيامي بالواجب الوطني.

اليوم، يبدو ان مشروع الدولة المنشودة الذي من المفترض ان يكون نقياً كبياض ورقتي الإنتخابية قد بدأ ينهار قبل قيامته، اليوم أرى هذا المجلس النيابي الذي ما اتت رغبتي بالتصويت له إلا من حنقي وغضبي من تعطيله و إغلاقه امام اي منفذ للحل من قبل رئيسه، اراه اليوم سائراً رغماً عن انوف ملايين اللبنانيين الذين صوتوا لمشروع الدولة “عفواً، شعار الدولة” سائراً نحو التجديد لمن اغلق هذا الباب أمام اغلبية نيابية من حقها المشروع ان تأتي برئيس منها للمجلس النيابيي يكون رافعة الأساس في بناء هذا الصرح الذي لا يمكن لمشروع الدولة إلا ان يمر عبره.

انا، وعلى الرغم من انه لا مرشح لـ 14 آذار في منطقتي، الا انني اعتبر نفسي من القوة الناخبة، لأنني صوت بورقة بيضاء كدلالة ان خياري لا يمر برعد ولا خيبر و لا زلزال ولا رضوان ولا حتى تبنين، بل انني كنت اصوت وقلبي في البقاع الغربي مع أمين وهبي وفي زحلة مع عقاب صقر، لازلت لا استطيع ان افهم عقلية الاسترضاء المسترخي التي تتبعها قوى الرابع عشر من آذار، لا استطيع ان افهم (كي استثني الرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع المعارضين) من اعطى سعد الحريري المسترخي، ووليد جنبلاط الغاندي الجديد صلاحية الإنقلاب على كل ما رفع من شعارات في السنوات الأربع المنصرمة والتي كلما سقط لنا فيها شهيد سارعت حاشية رئيس المجلس التى توزيع الحلوى إحتفالاً بالمناسبة، حتى وان مذيعة المحطة التي يملكها دولته لم تستطع كتمان فرحتها على الهواء عند إستشهاد وليد عيدو ليعود الرئيس نفسه ويغفر لها ويعيدها الى منصبها نكاية بكل المناقبيات والأخلاق.

عن اي مرشح وحيد تتكلمون؟، وعن اي برلماني تتحدثون؟ عن الذي اغلق المجلس وعطل الإنتخاب؟، اليس هو ذاته من افلت العنان لميليشياته وحرسه “الميري” بالسرقة والنهب في بيروت؟، اليس هو ذاته من ابتلع مجلس الجنوب؟، اليس هو ذاته من أكل الأخضر واليابس في وزارة الزراعة؟.

هل ان الملايين الحمراء التي بأصواتها انجبت لكم بعجائبية 71 نائباً واعطتكم الثقة لتصبحون أكثرية هي من فوضكم لإعادة إنتخاب رئيس المجلس المعطل ذاته الذي اذاقنا العلقم لأربع سنوات.

اليوم تتهكمون وأنا معكم طبعاً (وللأسف) على جنرال الليمون الذي بإنقلابه على خطبه فقد أكثرية ناخبة، واليوم انتم تقترفون الذنب نفسه، اليوم يسقط المشروع الحلم، اليوم تسقط الدولة المزعومة، يوم يعاد إنتخاب رئيس المجلس ذاته للدورة الرابعة ليسجل ربع قرن من الهيمنة على مجلس ليس حكراً عليه، ولا حتى عليكم، وليس له ولا لكم، بل لمن صوت بالإتيان بالـ 128 نائباً، المجلس النيابي لنا، للبنانيين جميعاً، وسنحاسبكم طبعاً من باب النقد الذاتي من اهل البيت الواحد على هذا الخيار العام 2013.

بئس ورقة ذهبت بيضاء خاوية، وبئس المشوار الى اقصى الجنوب، وبئس المثاليات التي أؤمن بها، والأدهى، بئس أمة ندمت، ولات ساعة مندم.

عماد بزي

خاص مجلة الحقيقة

أنا، ولا أعوذ بالله من كلمة أنا، صاحب الصوت المخطوف.

لا أدري، ولا أعرف، ولا أفقه، ولا استطيع حتى ان احلل كيف اني “فقعت” مشواراً حتى بنت جبيل، محل ولادتي و مكان تصويتي بحسب القانون المتخلف الذي ولد قبلي بحوالي عشرون عاماً، لا بل و إصطحبت معي صديقي التركي وجررته الى أقصى الجنوب وجنيت عليه وعلى سيارته المتهالكة على نفسها، وعلى اتاتورك العلماني وصورته على زجاج تلك السيارة في قلب عاصمة التحرير وخزان التصلب الشيعي، لأشارك، وأمارس واجبي نحو نفسي ونحو مواطنيتي التي أؤمن بها شديد الإيمان متجاهلاً كل الأخطار التي قد تلحق بي من ابناء مدينتي بنت جبيل من اقرب الأقارب الى أبعدهم، وهم يعرفون حق المعرفة اني لست من مناصري حزب الله، وهذه التهمة بدورها قد تكون كافية لتتسبب بصداع و إرتجاج في المخ بفعل يد او عقب بندقية احد المؤمنين بأنه دائماً على حق دونما اي جدل.

لا استطيع حتى ان افكر كيف انه وبعد إستحالة إيجاد مرشح يدعم الخط السياسي الذي أؤمن به انني قمت نكاية بالحشود المتجمهرة خارجاً و المستعدة لأن تبصم بالدم، اقدمت على ترك ورقة الإقتراع بيضاء، ورميت صوتي في الصندوق الشفاف كأنني رميته نحو الهاوية متصوراً انه سينجب وريقات أخرى في طريقه الى اسفل تدك دويلة الإنفصال المقاوم للهوية، ودمغت يدي حبراً أزرقاً دلالة على قيامي بالواجب الوطني.

اليوم، يبدو ان مشروع الدولة المنشودة الذي من المفترض ان يكون نقياً كبياض ورقتي الإنتخابية قد بدأ ينهار قبل قيامته، اليوم أرى هذا المجلس النيابي الذي ما اتت رغبتي بالتصويت له إلا من حنقي وغضبي من تعطيله و إغلاقه امام اي منفذ للحل من قبل رئيسه، اراه اليوم سائراً رغماً عن انوف ملايين اللبنانيين الذين صوتوا لمشروع الدولة “عفواً، شعار الدولة” سائراً نحو التجديد لمن اغلق هذا الباب أمام اغلبية نيابية من حقها المشروع ان تأتي برئيس منها للمجلس النيابيي يكون رافعة الأساس في بناء هذا الصرح الذي لا يمكن لمشروع الدولة إلا ان يمر عبره.

انا، وعلى الرغم من انه لا مرشح لـ 14 آذار في منطقتي، الا انني اعتبر نفسي من القوة الناخبة، لأنني صوت بورقة بيضاء كدلالة ان خياري لا يمر برعد ولا خيبر و لا زلزال ولا رضوان ولا حتى تبنين، بل انني كنت اصوت وقلبي في البقاع الغربي مع أمين وهبي وفي زحلة مع عقاب صقر، لازلت لا استطيع ان افهم عقلية الاسترضاء المسترخي التي تتبعها قوى الرابع عشر من آذار، لا استطيع ان افهم (كي استثني الرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع المعارضين) من اعطى سعد الحريري المسترخي، ووليد جنبلاط الغاندي الجديد صلاحية الإنقلاب على كل ما رفع من شعارات في السنوات الأربع المنصرمة والتي كلما سقط لنا فيها شهيد سارعت حاشية رئيس المجلس التى توزيع الحلوى إحتفالاً بالمناسبة، حتى وان مذيعة المحطة التي يملكها دولته لم تستطع كتمان فرحتها على الهواء عند إستشهاد وليد عيدو ليعود الرئيس نفسه ويغفر لها ويعيدها الى منصبها نكاية بكل المناقبيات والأخلاق.

عن اي مرشح وحيد تتكلمون؟، وعن اي برلماني تتحدثون؟ عن الذي اغلق المجلس وعطل الإنتخاب؟، اليس هو ذاته من افلت العنان لميليشياته وحرسه “الميري” بالسرقة والنهب في بيروت؟، اليس هو ذاته من ابتلع مجلس الجنوب؟، اليس هو ذاته من أكل الأخضر واليابس في وزارة الزراعة؟.

هل ان الملايين الحمراء التي بأصواتها انجبت لكم بعجائبية 71 نائباً واعطتكم الثقة لتصبحون أكثرية هي من فوضكم لإعادة إنتخاب رئيس المجلس المعطل ذاته الذي اذاقنا العلقم لأربع سنوات.

اليوم تتهكمون وأنا معكم طبعاً (وللأسف) على جنرال الليمون الذي بإنقلابه على خطبه فقد أكثرية ناخبة، واليوم انتم تقترفون الذنب نفسه، اليوم يسقط المشروع الحلم، اليوم تسقط الدولة المزعومة، يوم يعاد إنتخاب رئيس المجلس ذاته للدورة الرابعة ليسجل ربع قرن من الهيمنة على مجلس ليس حكراً عليه، ولا حتى عليكم، وليس له ولا لكم، بل لمن صوت بالإتيان بالـ 128 نائباً، المجلس النيابي لنا، للبنانيين جميعاً، وسنحاسبكم طبعاً من باب النقد الذاتي من اهل البيت الواحد على هذا الخيار العام 2013.

بئس ورقة ذهبت بيضاء خاوية، وبئس المشوار الى اقصى الجنوب، وبئس المثاليات التي أؤمن بها، والأدهى، بئس أمة ندمت، ولات ساعة مندم.


عماد بزي


خاص مجلة الحقيقة


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *