شعار “غير بالأحمر” يكاد يفقأ عيني كيفما درت في بيروت،إنها الغرابة والفرادة اللبنانية مجدداً في إبتداع عبارات البروباغاندا البولشفية الضائعة، فنقاش أصحاب الشعار دائماً ما يبدأ من ثقافة (نحن دائماً على حق) وغيرنا صفر على الشمال، يقفون مشدوهين ومدهوشين ومربوطين بقضايا بائتة متصلبة متحجرة، حاملين هم الدفاع عن القدس وفلسطين والعروبة وكأن العالم يقف على حدودها، ولابأس من التفكير ان الفلسطيني الإتكالي هو أقل من دفع ثمن قضيته ، وأن اللبناني هو العربي الوحيد الذي دفع الثمن أضعافاً مضاعفة.
نحن الثوار الأبطال، نحن الكادحين والفقراء و”المبعوصين” في الأرض ومن يقول غير ذلك يصنف فوراً في خانة العملاء المهابيل، همنا أن نسمي إبننا على إسم شهيد و أن نعيش الثورة بتفاصيلها، نعلق صورة غيفارا الذي حارب الإمبريالية في بوليفيا والأرجنتين، لا نضع صورتنا على الفايسبوك بل صورة حنظلة الذي فشل في إستعادة فلسطين، نمشي وراء أوهام الديكتاتور عبد الناصر، نعيش على حلم الزوبعة الفاشية، نقدس الشيخ إمام المبحوح، ولابأس من حين لآخر إن نظمنا تظاهرة كي نتذكر أننا الى جانب الفقراء والفلاحين، لا نكتب إلا في جريدة “لا” لأنها تقول لا لكل شيء، لو تقرأون ما كتب البائس ماركس لتنبهتم ان شيوعيتكم ويساريتكم تتعدى الجيتان وكأس العرق والسكرة في حانات بيروت من البارومتر و تاء مربوطة في شارع الحمرا، الى الجميزة مرتع المثقفين الجدد، لتنبهتم أن أشباهكم إنقرضوا، وأن القافلة تسير، وان العدالة بالتأكيد لا تمر على جسد لبنان، وإن القتال ليس محصوراً بالعدو الصهيوني.
أما آن الأوان لتتنبهوا ايها التعساء ان الإصطفاف الطائفي هو المعضلة، وان المشكلة محصورة بأشباه الأمراء الذين يتحكمون في كل شاردة وواردة؟
بإسم القضية حرقتم قضايانا، وبإسم الشرف زنيتم بلبناننا، وبإسم يساريتكم أحرقتم يميننا…
بات على الساعين الى التغيير في لبنان العمل على تغيركم قبل تغيير الواقع المرير، عليهم ان يقضوا على نفوسكم المتسخة، قبل ان يدكوا عروش الحرير…
عن اي عروبة وقضية تتكلمون؟ عن أولئك السابحين في النفط؟، أو البائعين الشارين في مصير شعوبهم لمن يشتري بالسعر الأعلى؟
سلاماً اليك يا أنور السادات، ظلمناك في زمانك…
أما بالنسبة لمن سيتنطح مجدداً ويرميني بتهم العمالة، فمصيره محتوم، سكراناً يترنح في المقاهي، يظن نفسه الفهيم الوحيد، مزهواً بإنتصاراته الوهمية، يحارب الإمبريالية بالفودكا، يطلق النار على حامل الـ M16 من الكلاشنكوف، فيما الدنيا قد فاتته والعالم اصبح أمامه ولن يسعه اللحاق به، بل سيزيده ذلك نقمة على من عبروا…
قضاياكم إنتهت، تاريخكم أكله الدود، قافلة من الرجالات ولت، صنعوا لكم مجداً فإبنوا عليه، ولا تلوثوه.
اترك تعليقاً