لي صديق إختصاصه النكش والبحش في زواريب الأحزاب، هواية يعني، يقضي نهاره في “التنقير” على الفكر الحزبي لهذا الحزب أو ذاك، على انني شخصياً لا استسيغ فلسفاته دائماً، لكن اليوم وبإعتباري مريض وصريع الفراش ومضنى القلب موجعه كما يقول الشاعر، وتبعاً لكمية الملل التي اتخمتني فأعمت ناظري، طلبت منه ان يبث لي مباشرة عبر هاتفه الجوال بعض من مشاهد المتظاهرين المحتشدين أمام السفارة المصرية خاصة وانه مشارك فيها متخذاً زاوية وممسك بهاتفه يرشقنا بالرسائل على التويتر، مشاركته في المظاهرة طبعاً لا تأتي إيماناً بأهداف منظميها، ولا تبعية لأحد أطرافها، بل على ما يبدو انها اتت من حرصه الدائم على حشر انفه في كل تجمع فاق عدد متجمهريه الخمسة افراد…
تأتي الصور بالصوت مباشرة من ساحة الإعتصام أمام السفارة المصرية، مظاهرة شكلها يدل على أنها تأييداً لغزة، وتنديداً بالجدار الفولاذي المصري بين “الرفحين” المصرية والفلسطينية. حسناً…
تضمنت المظاهرة المزعومة كلمات للمشاركين ومسرحيات منمقة والكثير من الشعارات ضد حسني مبارك والكثير الكثير من الأعلام الحزبية وعلم فلسطيني واحد!!! بدا يتيماً في المظاهرة التي يفترض انها نظنت كرمى لعيناه…
وما ان خفت “الهمروجة” حتى علا الصراخ، وصدحت المايكروفونات، وتفتقت الحناجر بالغضب القومجي الداعم لفلسطين، وما هي ثوانٍ إلا وضاعت فلسطين بين السطور، بل وضاعت مصر أيضاً، فأصحاب الحناجر المستأجرة لهم أجندة أخرى، فتحولت المظاهرة اللبنانية ضد السفارة المصرية دعماً للقضية الفلسطينية الى منصة شتم لأميركا وعملائها في المنطقة !!!
أنظر الى المشهد المطبوع على الشاشة، شاب مصري مشارك في التظاهرة، يده على رأسه النازفة بفعل ضربة على الرأس ناوله إياها أحد أفراد الأمن اللبناني، يجلس الى جانب صديقي المستمر بالتصوير، الى جانبه مجموعة تحرق العلم المصري بفرح عارم، فيما المصري الجريح على الأرض ينادي بلا طائل “مصر ليست حسني مبارك”، على شاشة البث الصغيرة كتب صديقي عبارة “خبر طازة”، ومشاهدو مدونته يعلقون على الحدث، فيما المتضاهرون اللبنانيون يشتمون مصر، والجريح المصري يحاول بالرمق الأخير ان ينقذ العلم ، يقلد صديقي إسلوب المراسلين التلفزيونيين، وبصوت مصطنع يرتجف وبتهكم يعلق على الحدث، ويقول “ها هم الأبطال يحرقون الجدار الفولاذي، أنتم تشاهدون الحدث مباشرة على مدونتي” يدور بالكاميرا نحو الجريح الذي أزاحه محاولاً إنقاذ العلم مرة جديدة معلقاً… “يا راجل قول كلام غير ده”…
اترك تعليقاً