جن جنونهم، إنفتقت حناجرهم، طار النوم من أعينهم، “عيطوا” و”صرخوا” شقوا ملابسهم، نتفوا زوجاتهم، إحمرت وجوههم، وإخضرت ثم إصفرت، فجروا فتيل شبابهم، شمّروا عن إبتساماتهم الكاذبة، فرطعوا أقلامهم بالترحاب والمديح و بالسباب والقبيح، حتى ان بعضهم وعذراً على التعبير، عدم المؤاخذة “خري تحتو”…
كل هذا الهاجوج والماجوج والشعبي سببه ان الأخ أو الرفيق أو العميل أو الصديق (ضعنا بالوصف) السيد كارلوس سليم الرجل الأغنى في العالم (من أصل لبناني) يزور لبنان.
كالعادة، إشرأبت الرقاب على مرحلتين، وبرزت الأعناق لتتفرج من وراء الأسوار، وجحظت العيون للتفرج على أغنى أغنياء العالم التي تعادل ثروته قيمة ما يصدره بلد مثل لبنان من منتوجات وأدمغة وعمالة ومصنوعات خمسة مرات…
إنقسموا بين مؤيد ومعارض، بين “مبوّس لحى” و”ضاحك على الذقون” و”شتام” و”شمات” و”موزع إبتسامات” ومرحب ومودع وموزع و… أسعد أبو خليل…
أتى كارلوس سليم الى لبنان، تناتشوه، أكلوه، بلعوه، نسوا الكهرباء والماء، والزعران الفلتانين بالشروارع، ودم الصحافيين على الطرقات، نسوا الحريري، ورب الحريري، نسوا السلاح، نسوا الفساد، نسوا الإنتخابات البلدية، نسيوا الله !
منهم من بوّس عمو كارلوس وإنتظر العيدية، ومنهم من تذكر يساره المقطوعة وهب يحارب الإمبريالية في الجامعة الأميريكية في بيروت، وبالنتيجة عادوا خائبين، كلهم…
شتموه وقرفوه، وسبوه، ورحبوا به، وحملوه على أكف الراحة، وبعدين ؟
غريب؟!، إن كان مجيء كارلوس سليم الى لبنان يستدعي كل هذا الحرك السياسي اللاهث خلف المال (بشقيه الرأسمالي والإمبريالي) فلنطلق الثورة، ولنطيح بالنظام وننصب كارلوس سليم على عرش القيادة ليجلس عليه تماماً كما حسني مبارك، و الملك عبد الله، وهوغو تشافيز، بإختصار كما أي ديكتاتور يتربع جاثماً على صدور أبناء شعبه…
إستقبالات شعبية مرحبه، وموجات شعبية رافضة، وبلد يترنح يمنة ويساراً بين عصابتين، الأولى تشتم من كارلوس سليم رائحة المال علناً، والثانية تطلق جماهيرها الرافضة، ومن تحت الطاولة تصلي ان ينشىء كارلوس سليم مجلساً جديداً للإنماء والإعمار، أو مجلساً جديداً للجنوب ينهبون منه بعد أن كاد الأول ينضب من كثرة ما حلبوه…
قرطة مضحكة، بلهاء، إرتدت كوفية فلسطينية، ومعطفاً أسود وإنطلقت تهتف ضد ممثل الإمبريالية في بيروت، حتى اللحظة لم أفهم الرابط؟ هل لزاماً على كارلوس سليم ان يدفع أمواله فداءً للعروبة؟
قرطة أخرى، دفنت الرجل بملفات ومشاريع وخطط إستهلك طباعتها مئات الأشجار، ربما الأشجار ذاتها التي دعى عليها أسعد أبو خليل بقصر العمر في جريدة الأخبار، كما دعى على الحمص والتبولة بالزوال، وبهدلنا وشرشحنا ومسح الأرض بنا، وما أصاب كارلوس سليم لا بكلمة ولا بحرف…
على اي أساس السيد أسعد أبو خليل إستاذ العلوم السياسية الموقر في جامعة كاليفورنيا دعى على لبنان واللبنانيين ورموزهم الوطنية (لا السياسية) بالزوال وقصر العمر؟ لأنه خرج من المولد بلا حمص هو وجماعته؟ لا بأس فالجميع خرج عارياً كما ولد !
هل مجيء كارلوس سليم فرصة لنظهر اننا شعب متحضر كما ندعي؟ أم فرصة للإنتهازيين لينشروا الغسيل؟، إما يتوسلون المال، وإما يشتمون ويهتفون ويوظفون الأقلام الهاربة المنظرة من خارج المعمعة؟
رفعوا أعلام لبنان واحرقوها، هتفوا ضد الدولة ومعها، صرحوا ضد الحريري ومعه، سبوا سلاح نصر الله ومجدوه، كفروا بالله وحمدوه، وخرجوا جميعاً من المولد بلا حبة حمص واحدة من خِرج كارلوس سليم…
لا شك بأن الرجل وقف يتأمل المنظر، ويضحك في سره على أبناء وطنه، ولاشك أيضاً بأنه حمد الله في نفسه ألوف المرات أنه لم يستثمر قرشاً في وطن تتناتشه “الهمجية” والزبائنية والفساد ومدعي الإصلاح…
وحده لبنان أكل كل “الخبيط واللبيط” خرج جريحاً، متراجعاً عشرون خطوة الى الوراء على طريق السلم الأهلي، مبتعداً عن اوتوستراد الوحدة الوطنية، ينزف الدم ويبصقه من فمه من شدة ما أكل من لطم وضرب في خضم المعمعة…
إن كان مجيء كارلوس سليم الى لبنان يستدعي إقامة حلبات الملاكمة، وحدها الوحدة الوطنية تتلقى ضرباتها، بلاه وبلا سيرته، فلنتركهم ينهشون لحم بعضهم على الفاضي والمليان…
لكم لبنانكم، ولنا لبناننا…
–
اترك تعليقاً