مش عم بستوعب كيف ماشية السياسة الخارجية اللبنانية، اي من أين تستقي وزارة الخارجية قرارها؟ فعلى الساحة السياسية المحلية (المأكولة من قبل الآذاريين بشقيهما) تبرز مواقف متناقضة على العلن، ففي موازاة موقف 14 آذار بعدائها لإيران وتحميلها مسؤولية إنفلات حزب الله في “التمرطع” و “التبرطع” بالسلاح، ، يبرز موقف أخر لقوى 8 من الشهر المسكين ذاته بالتمسك بالشراكة مع القوى الممانعة من سوريا ” أسد الجولان” و إيران “نجاد النووي” و فنزويلا “تشافيز الديكتاتور” ولو كان ماو تسي تونغ على قيد الحياة لتمسكوا بتلابيبه هو الآخر…
—
على ان الصراع السياسي شيء، وتمثيل لبنان الخارجي شيء آخر، هنا يطفو على سطح هشاشة القرار الخارجي اللبناني ما قاله الوزير الشامي اليوم بالذات في مؤتمر دعم نزع السلاح النووي الذي تستضيفه إيران! بغض النظر عن غرابة أطوار الإيرانيين في التعاطي مع هذا الموضوع (اي إستضافة دولة نووية يهد ويرعد رئيسها بإستمرار ملوحاً بتخصيب اليورانيوم الى حد 88% لهكذا مؤتمر)، تفضل الوزير الشامي بمحاضرة في الممانعة فضم صوت لبنان الى الصوت السوري منادياً بأحقية إيران بإمتلاك التكنولوجيا النووية، واتبعه بالجزم ان تكنولوجيا إيران معدة للأغراض السلمية، وتابع محاضرته بطلبه تجريد إسرائيل من التكنولوجيا النووية…
—
حسناً، موقف ينسجم تمام الإنسجام مع خطاب بعض القوى السياسية اللبنانية، ويتعارض مع موقف قوى أخرى هي اليوم في موقع السلطة، وبغض النظر عن كرهي للإثنين معاً، تبرز بعض النقاط التي تستوجب التوقف عندها:
—
أولاً: إما ان قوى 14 آذار “نصابين” بالمعني الحرفي للكلمة ويضحكون على جمهورهم، وإما سمير جعجع موافق و”باصم بالعشرة” على السلاح النووي الإيراني، فتبعاً لوجود قوى 14 أذار في السلطة، لا بد وان تكون لها كلمتها في تحديد سياسة لبنان الخارجية، وهنا دعم قضية إيران في تخصيب اليورانيوم، وفق ما ورد في خطاب وزير الخارجية اللبناني في طهران.
—
ثانياً: إن لبنان قد تسلم منذ فترة وجيزة دفة العضوية الغير دائمة في مجلس الأمن الدولي، تبعاً لذلك فقد أعلنت الخارجية اللبنانية عن خطوات ذكية تدعم مواقف لبنان في إشارة الى إتباع سياسة خارجية ذكية تعيد قضايا لبنان الى الواجهة، وتليها القضايا العربية على حد قول الوزارة اللبنانية، فأي سياسة خارجية ذكية ستعيد للبنان مكانته وصورته والوزير الشامي يعلن تأييده للنووي الإيراني من قلب طهران مواكباً الموقف السوري، بماذا تفيد لبنان مواقف الوزير الشامي؟ وكيف ستلمع صورة لبنان أمام المجتمع الدولي؟ ام إنها لن تتعدى تلميع صورة البعض على أحذية دول الممانعة؟؟ يبدو ان صورة لبنان الجيدة امام المجتمع الدولي تمر من طريق دعم سياسات التسلح النووي لأي هدف كان أو تقديم الدعم بكافة أشكاله لبعض الدول المعزولة عالمياً وإقليمياً، وبالتالي جرنا معها الى العزلة… ذكاء وعبقرية تستاهل عليه الوزارة ان تنضم بموجبه الى برنامج Braniac للعباقرة!
—
ثالثاً: والأهم، بالأساس شو خصنا؟ و شو جايينا من مؤتمر النووي الإيراني؟ فهل لبنان دولة مواجهة كبرى في الصراع في الشرق الأوسط؟ وهل قرارها السياسي الداخلي بشأن السياسة الخارجية مؤثر في العلاقات الدولية الى هذا الحد؟ أصلاً بالأمس كادت ان تقع مجزرة في حال لم يتوافقوا (بالعيب والحياء) على تشكيلة الكروش العريضة التي طاردت الكرة دون جدوى على ملعب المدينة الرياضية في مباراة سياسية لا رياضية…
—
رابعاً: ماذا يستفيد لبنان من تأييد طرف ضد آخر في الصراع النووي المستعر؟ اين الحكمة، لا بل ساقول من الغباء ان نساند حق إمتلاك التكنولوجيا النووية لأي جهة كانت، فعلى حدودنا الجنوبية مفاعل مهترىء إسمه ديمونا !! ماذا لو إستعلت الحرب؟ ماذا لو ضربت إسرائيل النووي الإيراني؟ أو ماذا لو ضربت إيران مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي الذي أصلاً “روحه ناطرة السبت”…
على من ستقع الكارثة؟ طبعاً على لبنان وسكانه العزل فوق أرض تعج بالسلاح…
—
فلتكتفي السياسة الخارجية اللبنانية (كرمال الله، إذا في الله) بما أسموه تلميع صورة لبنان امام المجتمع الدولي، فالبلد أصلاً في حالة إهتراء مزري، ومواطنوه مشغولون بتأمين لقمة عيشهم، وتأمين الطبابة، والصمود في خندق الدولارات القليلة حتى أخر الشهر، وتفادي زحمة السير التي أزهقت روح مواطن مسن مصاب بالربو “علق بالعجقة” في نفق سليم سلام فمات مخنوقاً بفعل غاز العوادم وإنعدام التهوئة، على الفكرة، السقف في وزارة الخارجية اللبنانية “ينش” فقد سبحت الوزارة وملفاتها بالماء خلال “أخر شتوه”…
—
فلينصرف الوزير العبقري الى جلب الدعم للبنان، ولإنمائه عوضاً عن “التفزلك” بشعارات رنانة وخطابات سياسة خارجية مدفوع حقها من جيبنا ودمنا…
–
—
اترك تعليقاً