ألو! هاي شيري .. كيفك ؟ عرفتي، أخيراً دقولي اليوم من المكتب وصلت سيريلانكيتي الأثيوبية.. رايحة إستلمها بعد الظهر
إذن فقد “وصلت البضاعة”، وتحقق حلم المدام بإستقدام مدبرة منزل أثيوبية، هي من لوازم وإكسسوار البيت ولزوم “التفشيخ” و”التجغيل” و فشة الخلق في حال كسر الأولاد تحفة أو “فاز”… “حيوانة”، “هبلة”، “كلبة”، كلو ماشي بس الله يكون بعونك يا “كوماري” إذا تأخر الزوج خارج المنزل وبدأ الفار “يلعب” في “عب” ملكة القصر… ولا بأس “فكوماري” جاهزة لتلقي بعض الصفعات، أما عن يوم الاحد (المفترض ان يكون يوم عطلة) فتستيقظ فيه “كوماري” باكراً ويدها على عينها المتورمة، “فالمدام” زعلانة لأن “المستر” فشل بتأدية واجباته الليلية في السرير مساء السبت، إما عن قصد، وإما لأنه لم يبتلع جرعة الفياغرا أو السيالس…
كم هي هزيلة أخلاقيات اللبنانيين في التعامل مع العاملات المهاجرات الى لبنان سعياً وراء لقمة العيش، هزيلة اكثر من المرتب الشهري للعاملات أنفسهن الذي وفي افضل الأحوال لن يتعدى ال 150 دولار شهرياً وبشق النفس، فيما يبلغ المعدل العام 100 دولار، ذلك بحسب الجنسية، وكأن للعاملات المهاجرات “باركود” أسعار بحسب الجنسية، السيريلانكية 100 دولار، الأثيوبية أكثر بقليل، الفيليبية تتقاضى 50 دولار زيادة لأنها تتكلم الإنكليزية، فيما القادمات من المستعمرات الفرنسية السابقة يتقاضين حوالي 70 دولار بزيادة عن البقية، ولابأس بذلك خاصة ان المدام ستخاطبها بفرنسيتها المصطنعة…
بغض النظر عن إسمها الحقيقي، صار إسمها “كوماري” لأنه اسهل ومتعارف عليه، لأن لو كان إسمها إليز أو لويزا أو روز، لكانت ستوازي المدام نفسها! معقول؟!! لأ ما بيصير، فتصبغها بإسم كوماري كدمغة ترافقها الى حين عودتها الى بلادها…
تتعرض العاملات المهاجرات لأبشع انواع التنميط والعنصرية من لحظة وصولهن الى لبنان، حيث يعد لهن الأمن العام اللبناني حفلة إستقبال مميزة تليق بسمعة لبنان كبلد يحترم الإختلاف والتنوع، فيتم رصفهن وإجلاسهن في غرفة ضيقة بإنتظار إكتمال العدد، لتبدأ رحلة العذاب من اليوم الأول، يأخذ الدركي جواز السفر، يمشين خلفه وكأنهم في حضرة ناظر المدرسة، ينهي أوراقهن بسرعة فائقة إن كان “المستر” أو “المدام” تنتظر خارجاً، ويصر على ان يسلمها باليد الى مخدوميها، ربما حتى يناوله هؤلاء خمسة ألاف ليرة هي ثمن كرامته بالتمام والكمال..
يعود الى العاملات الباقيات المنتظرات، منهم من سيقضي الليل هنا لأن مستقدميها لم يحبذوا فكرة الذهاب الى المطار في عز الليل، فقرروا “إستلام البضاعة” في الصباح، فتقضي ليلتها الأولى تنام وقوفاً كالخفاش، وهي تتوجس خيفة من يد الدركي وزملاءه، يد طويلة تتحسس المؤخرات والمقدمات وكأنها سلعة مجانية دونما اي ثمن…
——
(يتبع)
من سلسلة تدوينات عن العاملات المهاجرات والعنصرية – جزء من حملة 24seven#
—6–
اترك تعليقاً