شخصياً، سديت بوزي (عن غير عادة) ولمدة إسبوع على خبر إعتقال ثلاثة شبان على خلفية قدح وذم رئيس الجمهورية ميشال سليمان على الفايسبوك، وبالنسبة لمن يعرفني حق المعرفة فهذا شيء غريب للغاية لأن طول اللسان على الحكام هي عادة وهواية بالنسبة لي “الله يجيركن منها”، والموضوع صراحة مش بأيدي، ومش بأجري حتى، بل بمحل ثاني مش رح قول وين.
—
السكوت ليس علامة رضى هذه المرة، إنما لجمع المعلومات الكافية عن ما جرى، ربما لأن ما سأكتبه هنا كفيل بأن يتسبب لي بمشاكل كثيرة، فالأفضل أن يكون السبب “حرزان” لأنني شخصياً لا احبذ الزيارة الى أقبية التحقيق دونما سبب وجيه.
—
قلت انني كنت أجمع المعلومات، وجمعتها…
فلنغطس قليلاً وننغمس فيما حدث علنا نستطيع ان نفسر الأمور، وهي قبل تفسيرها تستأهل ان نفندها لنعطي كل موضوع حجم الطبيعي.
—
بداية الإعتقالات والتنبيهات و”السحسحة” كانت مع حالة المدون خضر سلامة، إستدعاء الى مركز مخابرات الجيش، عبر عنصران أمنيان رفضا ان يظهرا مذكرة الإستدعاء (طبعاً لأنها غير موجودة) ولدى مطالبة خضر بإبرازها، كان جواب العناصر “شو مفكرنا شرطة بلدية؟ ، نحن مخابرات يا حبيبي”…
—
ممتاز، هذه الحالة الأولى، إستفراد وتفرد وسوء إستخدام السلطة وإنتهاك لكل الشرعات من العالمية لحقوق الإنسان، حتى الدستور اللبناني الذي يكفل حرية التعبير والرأي والمعتقد. إستدعاء خضر سلامة جاء على خلفية بعض المقالات الموجهة بإسلوب نقدي الى رئيس الجمهورية، طبعاً أختلف مع سلامة في ما كتبه شديد الإختلاف ليس من منطق الدفاع عن رئيس الجمهورية طبعاً، وإنما من منطلق فكري، على أي حال هذا لا يبرر ولا يخفر أبداً لمديرية المخابرات التحرك وإستدعاء سلامة وإفهامه انه من الممنوع التعرض لرئيس الجمورية بالإنتقاد، فيما الغير مسموح هو ان تتحرك عناصر المخابرات من تلقاء نفسها دون أمر قضائي (ولو من المحكمة العسكرية) وتستدعي المواطنين الأمنين في بيوتهم… سجل، واحد صفر للمدنيين بمواجهة العسكر.
—
نأتي الى الحالة الثانية، ماريو ملكون، مدون لبناني على الفايسبوك، كتب كلمتين، لم يعجبوا أحد خصومه السياسيين في الكورة، فدس الدسائس لدى مديرية المخابرات، فتولى الشباب بهمتم القوية سحله الى مركز المخابرات في القبة في طرابلس حيث جرى إحتجازه لمدة سبع ساعات، إطلق سراحه فيما بعد لما تبين ان البلاغ المقدم ضده هو بلاغ كيدي، طبعاً إن دل ذلك على شيء فهو ان مخابرات الجيش تحركت مجدداً بعقلية المحسوبيات، لأنه أصلاً إن كان من داع لإستدعاء ملكون، فالأمر ليس منوطاً بالمخابرات، بل بسلطات أخرى، كمان سجل، إثنين صفر للمدنيين بمواجهة العسكر…
—
نأتي للثلاثي المرح، جماعة الفايسبوك الكرام، لنشوف شو الخبرية، شخصياً كنت قد رأيت تعليقاتهم وقرأتها يوم كنت أتصفح صفحة الرئيس سليمان على الفايسبوك “يوم ما عمل عملته السوداء ما غيرها” ورأيت التعليقات ولا أخفي انني إنزعجت وفرحت في الوقت نفسه، إنزعجت لأن مقام الرئاسة بات ملطشة للأولاد (أكبرهم لم يتجاوز العشرين) يعلقون بعبارات نابية على صور رئيس الجمهورية تبعاً لولاءهم السياسي، وفرحت ولو قليلاً لسعة صدر رئيس الجمورية وفريقه الإعلامي على الفايسبوك بأن يتركوا العالم تعلق ولو على هذا النحو المسيء لأنه صدقاً أحدهم ترك تعليقاً من الزنار ونازل، شي بيتعلق بمنطقة تناسلية معينة مش ضروي إشرح وين بالظبط، ماشي الحال،…
—
لذا لم أفاجأ صراحة بالإعتقالات، ولو أنني أخطأت قليلاً في البداية وسبيت الرئيس !!! (ملاحظة: عزيزي عنصر المخابرات الذي يقرأ هذه السطور، لا تفرح، لن تتمكن مني لأنني “سبيت الرئيس” في سري، وليس في العلن، بيني وبين حالي يعني، وبالتالي بعصتك، ما فيك تحسبها ولا تسجلها نقطة،” أوف سايد”…) المهم، لعنت الرئيس في سري ولعنت حالة الإنحدار التي وصلت اليها قيم الحريات في هذا البلد، وأنا يللي كنت رافع راسي بين أقراني كلما سافرت احكي في المؤتمرات عن حرية الرأي والتعبير في لبنان، وبالتحديد آخر مرة كانت امام مساعدة وزيرة الخارجية الأميريكية السيدة ماريا أوتيرو في مكتبها في الكونغرس في واشنطن، “إنشدقت المخلوقة” ظنت انني امزح وانا اتغنى بالحريات في لبنان فيما عدا بعض مراكز التوقيف ووضع السجون، فيما سأل أحد الحاضرين من مكتبها، إذا هيك الوضع شو جابك؟، وقتها إرتبكت ولم اعطِ جواباً واضحاً، قلت اننا نخاف من الآت، واتى الآت أسرع مما كنت أتوقع، ماذا سيكون تعليق السيدة أوتيرو الآن إذا سمعتني أردد “إشتم ولا يهمك، المخابرات بتلمك”؟ من المؤكد انها ستقول انني كنت مغشوشاَ، وصحيح، كنت مغشوش وطارق…، مش طارق حشيش لأ، طارق طشمة، وطارق هبلة، وللعمى !
—
المشكلة ان حرية الفرد في لبنان باتت رخيصة للغاية، كم منكم ضحك على خبرية “حقك سحسوح” التي كنت أرددها؟ صارت، اليوم صار حق المواطن اللبناني سحسوح عالماشي فيسهل حتى على رمز الأمة رئيس الجمورية بلحمه وشحمه ان لا يترفع عن لعب الأولاد ويعلن صراحة نيته تربيتهم!
المصدر: وكالات : إعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أن موضوع تحرك القضاء عبر توقيف الشبان الذين أساؤوا اليه عبر الفايسبوك هو موضوع سباب وشتائم شخصية يعاقب عليها القانون العام لكونها تطول رئيس الدولة، مضيفا “لا أعتقد أن أي شاب لبناني يقبل أن توجه اليه هذه الشتائم أو أن يساء استعمال الحرية. وأنا حريص على تربية الشباب كأنهم أولادي، وما قالوه بحقي يندى له الجبين”. (الاربعاء 30 حزيران 2010, الساعة 17:59 بتوقيت بيروت)
—
ولوووو يا فخامة الرئيس؟ بدك تربينا ؟ مش احسن تربي الغنم الفلتان على التلفزيونات عالطالع وعالنازل؟ هم من يتطاول عليك وليس نحن! إذا كم لبناني “غلطان” وحياتك غلطان” (غلطان بمعنى انه إنتهك القانون صراحة بالقذف والقدح والذم) فش خلقه لأنه مقهور ومظلوم ومسلوب وطفران وقام كتبلو كلمتين بدك تربيه ؟
—
فخامة الرئيس، مشكلتك ليست معنا، ومشكلتنا ليست معك، المشكلة عندنا اننا نرفض ترهيب المواطنين بعناصر المخابرات، و بالإعتقالات والإستنابات القضائية ومذكرات الجلب، بأول مرتين كنت إنت الغلطان، مرقنالك الموضوع، مع خضر وماريو، بسيطة… مرّقلنا أنت الموضوع مع ولاد الفايسبوك، إنو بدك تقللي إنو أخذ على….خاطرك؟
—
خليني هيك زيح شوي انا واياك، آخذك على جنب، إحكيك كلمتين، فخامة الرئيس، مشينا وسيسرنا ، ليك، انا خدمت الجيش بالإجباري وإنت خدمته طوعاً، أنا لبناني وإنت لبناني، مثلي مثلك، حكلي تحكلك …
مش حلوة من فخامتك تمحي التعليقات وتمنع التعليق على صفحتك على الفايسبوك، كيف بدك تثبت بعدين إنو الشباب غلطانين؟ فالخطأ قد تم محوه! فخامة الرئيس، بشرفك، قبل تصرف القاضي ميرزا بالموضوع، كان معك خبر ؟
—
عيب يا فخامة الرئيس تستقوي على من هم دونك قدرة على الرد، طيب سؤال، إذا قام حسن نصر الله، أو البطرك، او شي واحد من سعادة “عفواً… تعاسة” النواب وشبقك كم كلمة، بترد عليه يا فخامة الرئيس؟ وحياتك ما بتعملها، وإلا كنت رديت مثلاً على وئام وهاب !! صح؟ طبعاً حفاظاً على روح السلم الأهلي، معليش نحن السلم الأهلي، خلينا يا فخامة الرئيس على نفس الموجة، خليك معنا مش ضدنا، لأن الموجة جاية، شايفن كلن جماعة اللسانات الطويلة؟ كلهم ذاهبون… نصيحة خليك مع هالعالم على نفس الموجة، ولا تضع نفسك بمواجهة المد البشري…
—
فخامة الرئيس، لو الشغلة صارت معنا، إفففف… كانت قامت الدني وما قعدت، كنت شخصياً عملت فيها الشهيد البطل، وما ضل مؤسسة ولا جمعية ولا سفارة ما طلعت على بعبدا… بس يا فخامة الرئيس انا فهمان شو اللعبة، الشباب يللي سبو ما فهمانين الخمسة من الطمسة…
—
يا فخامة الرئيس، الله يديمك، حل الأزمة ولا تديرها، ولو سمحت شيل الأجهزة الأمنية عن صدري لأنو بلش يضيق نفسي….
—
–
اترك تعليقاً