إنتظرت، وحللت، وضربت أخماساً بأسداس، وسبعات بثمان، وثمان ب أربعة عشر، دونما اي فائدة، لا، لم يمر ولم استطع ان “أزلط” ولا “أبلع” ولا حتى أمرر رؤية جميل السيد “يرتع” و”يتفشخر” في مطار بيروت الدولي دون ان تجتاحني الهستيريا، فبكيت، وللمرة الثانية من كل قلبي.
–
خارت قواي، ولم اتمالك نفسي، لم استطع لا ان اسب على عادتي، ولا ان اكتب وادون لأنسى، ولا اصرخ ولا احطم ولا حتى استطعت ان امد يدي الى التلفاز لأخنق صوته وصورته، بقيت امامه مسمراً أشاهد جنرالاً أحمراً دموياً يتحول الى “غاندي” ويحمل على الأكف بمواكبة عسكرية “ليحرر” صالون الشرف في مطار بيروت وكأنها شبعا عادت الى حضن الوطن.
–
لأول مرة أشعر بالوهن الشديد، وبالضعف، وبقلة الحيلة، لينهار عالمي على رأسي، لتنهار إرادة التغيير، إنهار حبي لوطني وسببته، لعنت في سري لبنان، القضية، والوطن والدين، والله وبكيت… ألف مرة.
–
–
–
مشهد مقزز هو رؤية حيوان كجميل السيد يحتل منصة الشرف في مطار بيروت الدولي، ليلقي خطبة الإنتصار، محاطاً بمواكبة أمنية من عناصر بلحى طويلة، ونظارات شمسية داخل غرفة مقفلة، وهاجوج وماجوج من المهنئين بالإنتصار العظيم، فلمحت بينهم احد المهنئين بالسلامة، لمحت بينهم رفيق زنزانة، واحد ضحايا جميل السيد نفسه، لمحت رجلاً ينحني امام جميل السيء للسلام، إنحنى حكمت ديب نفسه على رأس وفد التيار الوطني الحر وقّبل جميل السيء وشد على يده، فكدت اخرج أمعائي من شدة عصبيتي، وتلاشت أخر ذرة إحترام لكاذب حقير إسمه ميشال عون يدير قطيعاً من رؤوس الغنم سمحوا له بأن يقضي على تاريخ طويل من النضال تلاشى أمام احلام “دونكيشوتية” لخريج مصحة دير الصليب، ربيب البروزاك والليكزوتانيل، وإقتصر دورهم على لبس البرتقالي، والتهليل والتصفيق والتصويت يوم يستحق الإمتحان فيما نصفهم الأخر لا يعطيه صوتاً حباً به بل كرهاً بسمير جعجع.
–
–
الى الطريق من داخل المطار الى خارجه ، عسكريون هم؟ لا مدنيون، لكن بسلاح، كلاشنكوف، ومصفحات وإستعراض عسكري بكل ما للكلمة من معنى، يخرجون جميل السيد من مطار بيروت الدولي (إسمحوا لي، إسمه كان وسيبقى مطار بيروت لا مطار رفيق الحريري) هؤلاء أخرجوا جميل السيد مزهواً بالإنتصار، منتشياً برائحة البارود ومشهد المسدسات تلمع في ابهى عصور الميليشياوية الحزبية، إسمحوا لي، إستعراض عسكري مخيف، سلاح في معقل الدولة، مربع أمني جديد، دمية قديمة جديدة، مسرحية هزلية قضت على رصيد حزب الله بأكمله بلحظات، الدفاع عن حزب الله ضد إتهامه بقتل الحريري يستوجب إستعراضاً بالسلاح للتلويح به من جديد، والويل والثبور وعظائم الأمور…؟؟؟
–
–
من هو جميل السيد؟ قاتل الحريري؟ لا، شخصياً، بت على إقتناع وقدرة على البصم بالعشرة على براءته من قتل الحريري، هل يستحق السجن أربع سنوات؟ أيضاً لا، فاربعة سنوات قليلة للغاية على عسيس المخابرات قاتل الطلاب والنشطاء، حارق قلوب الأمهات، وقاتل الأمل في زنازين الشباب، جميل السيد لم يقتل الحريري، لكنه قتل من هو أكبر وأعظم من الحريري، قتل آمال شعب بأكمله، ذاك المخابراتي الذي أدار البلد لمصلحة نظام قام على تقاسم الغنائم، جميل السيد ناظر مدرسة النواب والوزراء الذين تحكموا بأمور العباد… جميل السيد، حذار ان تلعب لعبة القانون والحق والعدالة لأنك الأبعد عنهما… إن كان هناك من سيأخذ حقه بيده، المفترض ان يكون أكثر من نصف اللبنانيين الذين ظلمتهم وكنت سبب تعاستهم…
–
في الطريق الى العرين، حشود على دراجات لا شرعية، ولافتات وصور طبعت على عجل، ووجوه ألفتها يوم كانت لي هواية مشاهدة كرة القدم من على المدرجات، هي الوجوه ذاتها والحناجر ذاتها الذي بلغ بها الإنزعاج من السوريين واعوانهم يوم الدورة الرياضية العربية في 1998 الى حد الجرأة القصوى، يومها سبوا سوريا وحافظ الأسد، قبل ان يقوم احد الظرفاء بإقتراح تغيير نوعية “المسبة” مع الحفاظ على روحيتها فغيروا من “كس إختك سوريا” الى “كس إختك يا لبنان” بإعتبار ان سوريا “شقيقة” وهي اخت لبنان…
–
–
–
قبل ال2005 كانت العنصرية الشيعية بالذات تجاه السوريين والعمال منهم بالتحديد في أوجها، كل مواطن في الضاحية الجنوبية يلقي اللوم (سراً ثم علانية) على السوريين ومخابراتهم بالدرجة الأولى، ومن ثم على رفيق الحريري كلما ناسبت المناسبة الكلام على الأوضاع المتردية والديون والسرقات والرشوة والفساد، ونادراً ما كان ينجو حافظ الأسد نفسه ومن ثم بشار إبنه من سمفونية السباب… ما الذي حدث؟ كيف صار المخابراتي “الكلب” على حد تعبيركم صديقاً وفياً وبطلاً، أيضاً على حد تعبيركم؟ كيف تحولت “كس إختك سوريا” الى “شكراً سوريا؟” و للتذكير فقط، سوريا ليست حامية العروبة، ولا ظلها الوارف، أسد الشام، بِس الجولان وقاتل الأزلام لا يحارب بجيشه ولا بشعبه بل بأحجار داما على ارض لبنان.
–
لاشك ان حزب الله سيندم كثيراً في المستقبل على هذه الخطوة المتهورة و “الدعسة الناقصة” سياسياً، مجدداً ليس هكذا يثبت حزب الله دعمه لجميل السيئ، ولا هكذا ينفي ضلوعه بإغتيال الحريري، ولا هكذا يطمئن أكثر من نصف الشعب اللبناني انه لن يستعمل سلاحه في الداخل مجدداً
–
ثم من منكم كان على الأرض يصفق ويهلل للسيد جميل السيد؟ كلكم؟أو نوعية معينة من الشباب الفاقد للعمل والأمل والوظيفة والوعي السياسي والإجتماعي على غرار اقرانه في مناطق اخرى هم جيوش البلطجية الحزبية لأطراف النزاع…
–
هو ذا من صفق وهلل، فعليكم السلام…
–

–
الصورة وحدها لا تعني شيئاً
لكن الصوت والصورة للشخص ذاته توضح المسألة برمتها
–
الفيديو الأول
–
[[hana-flv-player
video=”http://www.trella.org/wp-content/vidflv/1stNS.flv”
player=”2″
more_2=”showVolumeSlider: false,showMuteVolumeButton: false, showMenu: false, controlBarBackgroundColor: 0″
/]
–
الفيديو الثاني
–
[hana-flv-player
video=”http://www.trella.org/wp-content/vidflv/2ndNS.flv”
player=”2″
more_2=”showVolumeSlider: false,showMuteVolumeButton: false, showMenu: false, controlBarBackgroundColor: 0″
/]
–
بكيت أكثر، نعم، لا لحزني عليكم فقط، بل بكيت على حالكم، وعلى بكائكم يوم ستبكون الدم يا ابناء وطني، فقد سبقتكم على الخطأ، كما سبقتكم في العودة عنه، سبقتكم الى فعل الندامة، يوم 14 أذار رفعت يدي بين الموجودين في الساحات، هللت لسمير قصير، صفقت لزياد ماجد، صرخت حرية سيادة وإستقلال، ويوم إنتهى دورهم كشباب مثقف واع، إنتهى بعده دوري كجزء من القطيع رُكنت على الرف، لأنه لم يعد دوري، بات دور من هم أكبر، دور الحية الأكبر وليد جنبلاط الكاذب الوضيع، دور قيادات مهترئة تستهوي المال والجاه، مقطوعة قبضة يدي التي إرتفعت لتحيي “الرفيق السكران” الياس عطا الله، ياه كم كنت مخطئاً، وكم بكيت يوم علمت ان حلم ثورة الأرز هو “بطاطا” و”فراطة” وكم بكيت عندما فطنت اخيراً الى انني لم اكن سوى وقوداً لنار كبيرة، بكيت لأن نضالي وسهري وهروبي ليلاً من خدمة العلم للإلتحاق بخيام الإعتصام كان خيانة للوطن، وخيانة للجيش الذي إستأمنني ولو رغماً عني على عرضه وشرفه لستة أشهر فبعته وتهربت منه ليلاً لأجالس الأمل في خيام دون أمل…
–
لم أهرب من خدمة العلم خدمة لخطاب طائفي مناطقي بغيض، لا، لم أفعلها كرمى لعيون طريق الجديدة ولا فهودها ولا قططها ولا كما تقول السيدة في الفيديو “فداء للحريري” ، بئس الخطأ، بئس التعصب والتعصب المقابل
–
[hana-flv-player
video=”http://www.trella.org/wp-content/vidflv/tare2lejdide.flv”
player=”2″
more_2=”showVolumeSlider: false,showMuteVolumeButton: false, showMenu: false, controlBarBackgroundColor: 0″
/]
–
أبكي مجدداً لأنكم لن تستفيقوا من غيبوبتكم ولن تتعلموا الدرس مثلي، ولن تتعظوا من غيركم، ولن تدركوا ان ساسة لبنان جميعاً دونما اي إستثناء هم خلف تلك الكاريزما الطائفية النارية نفوس سوداء وصولية وسخة…
أبكي لأنكم جميعاً تصفقون لمن يحرمكم الطعام والملبس والعمل والإستقرار والعيش الكريم، ابكي لأن نصفكم يصفق لموالاة ونصفكم يصفق لمعارضة، القاسم المشترك الوحيد بينهما هو إستعمالكم انتم كوقود ودم حي يستثمر في الصراع…
–
ابكي لرؤية الى اي حد بلغت بكم التفاهة والإستهبال (أتباع 8 و 14 سوياً) الى حد تربية الاطفال على الكراهية والتعصب والطائفية!!
الفيديو التالي مجرد مثال، حرام عليكم، ذلك الطفل لن يحترم يوما لا وطناً ولا قانوناً… حرام عليكم قتل الطفولة في مهدها
-[hana-flv-player
video=”http://www.trella.org/wp-content/vidflv/KidSanyora.flv”
player=”2″
more_2=”showVolumeSlider: false,showMuteVolumeButton: false, showMenu: false, controlBarBackgroundColor: 0″
/]
–
بكائي ناتج عن ضعفي، لأنني دون حيلة، لأنكم بجهلكم تجرون البلد الى الجحيم إرضاء لسطوة الأغراب والتحالف مع الجحيم، إرتضيتم ان تكونوا أحجار الداما الغبية التي تحركها دمى أكبر منكم تحركها بدورها سياسات خارجية تقارع بعضها على أرض رخيصة، لا ثمن لها، أرض لبنان…، 14 آذار؟ ماذا بقي من تلك الثورة الكاذبة؟ 8 آذار؟ معارضة؟ اغبياء، ماذا تعارضون وانتم الحاكم الفعلي للبلاد؟ تشعلون حرباً ساعة تشاؤون !!
–
ابكي لأن الشباب اللبناني هو الأكثر تأثراً بالأيديولوجيات السياسة، بالطائفية بالعقائدية بالمناطقية بالزعامات بتجار الدم والحديد في آتون النار… لستم عاملاً للتغير، علينا ان نغيركم أولاً، ثم نغير بكم، وما السبيل الى ذلك؟
–
ابكي مجدداً، لأن الشباب اللبناني لن يستيقظ من غيبوبته قبل فوات الأوان، لن يستيقظ إلا بعد ان يجرب بنفسه، قبل ان يخوض حرباً هو وقودها، وقبل ان يعيد البلد مجدداً الى نقطة دون الصفر، أبكي لأنني اكتب واصرخ واتكلم دونما طائل، ابكي بشدة، لأنه سيأتي يوم اكون فيه ضحية شاب متعصب جاهل، متسرب من المدرسة، لم يجد عملاً ولا نصيحة ، فضاقت به السبل، وإستسلم لأمراء حزبه او طائفته أو رئيسه أو زعيمه، فحمل السلاح وسدد منه طلقة الى رأسي، فأوقف بكائي ونحيبي، وانهى صراعي مع ذاتي، وأجهض كابوساً يكاد يقطع نفسي…
–
اترك تعليقاً