بداية، لابد من الإشارة الى ان معالي وزير الداخلية وفريق عمله يستأهلون الثناء (المؤقت) على شيئن إثنين، أولاً، بقاءهم في مراكز عملهم حتى ساعة متأخرة من المساء متابعة لشؤون الوزارة، والثاني التواصل مع التشطاء بليونة وإحترام، فيما هاتان الصفتان مفقودتان وغائبتان بشكل كلي عن تعامل القوى الأمنية معنا نحن المواطنين والنشطاء … (ايه لطشة…).
–
مش سهلة ان يقوم وزير الداخلية بالإتصال بناشط عبر الهاتف لمدة 18 دقيقة ليعد بتقديم جوابِ شاف حول موضوع يمس بالحريات بشكل مباشر، الأمر الذي إستلزم الوقوف عنده ومنح الوزير بارود فرصة ثانية قبل الإستمرار بالحملة الداعية الى إستقالته لأنه قصر بحق الحريات، (وبأشياء اخرى أشرنا اليها في تدوينات سابقة).
–
قد يكون ما حدث إما حرصاً من الوزير بارود على التعامل مع النشطاء بشفافية مطلقة، وإما محاولة “لنفخ” الناشط وإيهامه بأنه “ربها” وانه قد فتح باباً عظيماً وانه على قدر من الأهمية و”الخوش بوشية” مع الوزير … بمطلق الأحوال هذا ما لم ولن نحكم عليه الآن، لأن الأيام وحدها كفيلة بترجيح كفة إحدى النظريتين، إما ان يستجيب الوزير للمطالب، وإما يتهرب فنستمر بالتصعيد، مع حجج أقوى هذه المرة. إما ان الوزير “حلحل” الموضوع فعلاً، وإما انه إرتكب خطأ تكتيكياً بالتلاعب ومماطلة النشطاء كالعادة.
هنا ألتزم شديد الحذر لعدة أسباب، لم يتوانى الوزير و في أكثر من مناسبة عن التأكيد عن موقفه القاضي بعدم منع فيلم شو صار للمخرج ديغول عيد، أولاً في واشنطن بتاريخ 29 من الشهر المنصرم رداً على سؤال الناشط اللبناني مروان معلوف، ومن ثم خلال إتصاله وعتبه على بيار ابي صعب كاتب المقالة في الأخبار، ومن ثم خلال المواجهة المباشرة في بيروت والتي قصدت ان احمل فيها الكاميرا لتسجيل ردة فعل الوزير على السؤال ذاته..
–
سؤال آخر… طيب من يمنع الفيلم في حال كان موقف الوزير حاسماً الى هذه الدرجة بعدم منعه ؟ وبمن يأتمر جهاز الأمن العام؟ بتعليمات الوزير ام تعليمات أخرى؟ إن كان الأمن العام لا يستجيب فالأجدر بالوزير بارود الإستقالة حرصاً على مصداقيته أولاً، ومن ثم كي نعرف بوضوح أكثر من هو الخصم في قضية الحريات هذه، الأمر بهذه البساطة…
–
تلقيت ظهر السبت إتصالاً هاتفياً من الوزير بارود وعد خلاله بالعمل على حل الموضوع ودعاني الى الحضور الى الوزارة نهار الإثنين، اي اليوم، لكنني اشترطت ان اصطحب معي كافة الوثائق المصورة التي تظهر ان الفيلم منع في مناسبتين، فوافق، فأضفت انني بحاجة الى وعد آخر، هو ان يلتزم بما وعد به خلال تظاهرة مناهضة العنصرية بمحاسبة الأمنيين المقصرين فوافق أيضاً…
–
عقب إنتهاء المكالمة الهاتفية مع الوزير فكرت في شيئين إثنين، أولهما ان يستفرد بي الوزير وفريق عمله “وياكلولي راسي” ولو مؤقتاً إن كنت وحدي ثم استبعدتها لأن “رأسي يابس” بما فيه الكفاية واعرف ما اريد تمام المعرفة، لكن عزمت على الطلب من بعض النشطاء الحضور معي، ثم عدلت عن الفكرة، وإستبدلتها بفكرة أكثر إحراجاً لفريق الوزارة وهي ان أتأخر بالوصول الى مبنى الوزارة، فيكون الوزير قد غادرها، فأسلم ورقة مكتوبة بالمطالب (اهم ما فيها ان تقوم الوزارة بإصدار بيان رسمي ممهور بخاتمها وتوقيعها، وتعمم على قوى الأمن توضح بأن الفيلم غير ممنوع من العرض – الورقة مرفقة) ومع ورقة المطالب اضيف قرص مدمج عليه الفيديوهات المصورة التي تظهر تعهدات الوزير في أكثر من مناسبة، وإصرار مخرج الفيلم ان الفيلم ممنوع، إضافة الى ثلة من أفلام تظهر عنصرية قوى الأمن في التعامل، وفيديو آخر يظهر مخالفات لبعض عناصر القوى الأمنية لن استطيع نشره على الإنترنت بسبب تعهدي لمرسله بعد النشر، ثم اتبع كل ما سبق بهذه التدوينة كحجر دك أخير “يحبك” اللعبة جيداً ويقفل منافذها… على ان الوزير كان موجوداً ويتمشى في أرجاء الوزارة يحاور شخصاً ما، فإنسليت جانباً وتوجهت الى مكتب أمين سره وهو ظابط لبق برتبة رائد بغية تسليمه الرسالة والقرص.
صراحة لم احبذ فكرة لقاء الوزير وحدي، لكثير من الإعتبارات، لأننا ومهما كما على إنسجام وتناغم تام كنشطاء، لن اعتبر نفسي ممثلاً لأحد ما لم يتم الإتفاق على ذلك مسبقاً بآلية ديمقراطية واضحة وصريحة.
–
الأمر لم يحسم بعد، ولأن المثل الشعبي يقول “قلبي من الحامض لاوي” أنا مضطر الى إفتراض سوء النية من ناحية الوزارة حتى اللحظة الأخيرة… فلنرى
في شي كثير مهم، ونقطة واضحة وصريحة، سواء صدر البيان عن الوزارة بأن الفيلم غير ممنوع او لم يصدر، سنقوم مستندين الى تعهدات الوزير بارود المصورة أدناه بالإستحصال على الفيلم وعرضه في صالة عامة وبدعوة مفتوحة، ساعتها إذا دكوني بالحبس بيصير في حكي تاني، حضروا البوشار والعصير…
–
–
توضيح عن فيلم شو صار
خلال تواجدي كضيف (guest speaker) مع الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية وخلال اللقاء مع الناشطين والمتطوعين في مشروعها Tomorrow’s Lebanon لاحظت ان اكثرية هؤلاء المتطوعين كانوا مع منع الفيلم لأنهم إعتبروا انه يثير النعرات وينكأ الجراح القديمة، للتوضيح، الفيلم يحمل رسالة إنسانية سامية يستأهل عليها مخرجه ديغول عيد كل الثناء، فالرجل لم يضع الفيلم في خانة الإنتقام بل في خانة التصالح مع الماضي في محاولته لمعرفة (شو صار) في تلك الليلة الرهيبة التي قتلت فيها عائلته، فيجلس ويحاور القاتل بهدوء وتسامح، ثم اصلاً نحن بحاجة للتذكير بما حصل لأن الذاكرة الجماعية غائبة بشكل مزري، والتذكير ضرورة كي لا تتكرر تلك المآسي…
–
نص ورقة المطالب التي سلمتها الى الوزير
__________________________________
–
حضرة معالي وزير الداخلية الأستاذ زياد بارود المحترم.
تحية مدنية، وبعد
بناء على المحادثة الهاتفية المسجلة بيننا بتاريخ السبت 16 تشرين الأول 2010، كنتم قد وعدتم بالنظر في ملف منع فيلم “شو صار” للمخرج ديغول عيد والذي سبق وان تم منعه في مناسبتين، رغم تأكيد حضرتكم ان “موقفكم الشخصي” يؤكد على عدم منع الفيلم.
معالي الوزير، ننوه ان الفيلم كان قد منع مرتين في مرحلة سابقة، مرة عند محاولة عرضه من قبل مخرجه ديغول عيد (موثق بالفيديو على القرص المدمج المرفق مع الرسالة) ومرة أخرى لدى تقدم اللجنة المنظمة لمهرجان بيروت للسينما عندما إشترط الأمن العام حذف مشاهد من الفيلم للسماح بعرضه، الأمر الذي لا يمكن ان يفسر إلا مساساً بحرية الرأي والتعبير التي تنص عليها أولاً المواثيق والمعاهدات الدولية الملزمة التي وقع عليها لبنان، ومن ثم الدستور اللبناني.
لما كنتم قد اكدتم في أكثر من مناسبة بأن الفيلم لم يتم منعه (موثقة ايضاً بالصوت والصورة على القرص المدمج) فإننا يا معالي الوزير نطالب بأن نخرج الموضوع من دائرة الأخذ والرد والبت نهائياً وبشكل حاسم في هذا الموضوع عبر الخطوات التالية:
– ان تبادر وزارة الداخلية الى تطمين المواطنين والنشطاء على ان حرية الرأي والتعبير مصانة عبر كتاب رسمي ممهور بخاتم الوزارة وصادر عنها يعمم حيث تدعو الحاجة ينص بوضوح ان الفيلم غير ممنوع، ولا يشترط لعرضه حذف اي من المشاهد او تعديلها.
– التفضل بأخذ العلم بأننا كنشطاء نرغب في عرض الفيلم في إحدى دور العرض بأسرع وقت ممكن مستندين الى تطمينات معاليك الشخصية ونص البيان الصادر عن الوزارة بأن الفيلم غير ممنوع من العرض ولا يخضع لمقص الرقيب.
معالي الوزير، المطالب أعلاه لا يمكن المساومة عليها بإعتبارها حق من حقوقي كمواطن لبناني يسأل عن سبب تناقض القول مع الفعل، اي تشديد حضرتك على موقفك القاضي بعدم منع عرض الفيلم، ومن ثم قيام الأمن العام بمخالفة الإلتزام ومنعه في مناسبتين، ومن هنا جاءت مطالبتي ببيان رسمي صادر عن الوزارة لإستبيان الأمور.
أما بالنسبة لما يتضمنه القرص المدمج، فأنا اهيب بمعاليك الإلتزام بوعدك القاضي بمحاسبة المسؤولين عن الإنتهاكات الموثقة للعناصر الأمنية والمسجلة بالصوت والصورة، علماً بأنني كنت قد نشرت هذه المواد مسبقاً على مدونتي الخاصة www.trella.org
–
–
لأن الفيديوهات موجودة على المدونة، اكتفي بنشر 2 من 3 فيديوهات تضمنها القرص المدمج ولم تنشر قبل على المدونة
–
–
–
الوزير بارود كان قد اخبرني خلال الإتصال الهاتفي “المسجل” انه كان قد إتصل بالمخرج ديغول عيد الذي ابلغه بدوره انه لم يتلقى اي بلاغ خطي من الأمن العام بأن الفيلم قد منع! لذا إستوجب ان اضيف هذا المقطع المصور الى القرص المدمج
–
–
–
–
–
الفيديو كما ورد على القرص المدمج، تعهد الوزير بارود بأن الفيلم غير ممنوع
–
–
–
–
–
–
اترك تعليقاً