كالأخرق يمشي مثقلاً مترنحاً، يعض في الخلق يمنة ويساراً، لعابه يسيل، يمشي كالآلة، لا “يهش” ولا “ينش”، همه الوصول الى قطرة دم، او “شقفة لحمة” ينهشها من الأخرين يروي بها عطشه ويسد جوعه في عالم تعمه الفوضى الجامحة… هذا هو تماماً وصف مجتمع الزومبي او “زومبي لاند” بحسب الفيلم الشهير…
والواقع ان فكرة “الزومبيز” ليست بخيالية كما يتصور البعض، وإن كانت فكرة الزومبي في السينما هي أرحم من الواقع، ففي السينما اهل الزومبي لا ينهشون بعضهم بعضاً، ويتكاتفون ويتعاضدون لعض وأكل الغريب، أما في زومبي لاند الواقعية فالوضع أسوأ بمراحل، فجماعة الزومبي بسلامتهم لا يتوانون عن نهش وقتل وأكل ابناء ملتهم، في زومبي لاند السينمائية يعيش الزومبيز في كل مكان والأصحاء هم في هروب مستمر تفادياً للوقوع في ايديهم، أما في زومبي لاند الحقيقية فقد بنى أمراء الزومبي قصوراً بأسوار عالية وأقاموا مربعات أمنية تغطي 13% من مساحة زومبي لاند ينعمون فيها بخيرات ما سرقوه، في أمان تام بعيداً عن الزومبيز الملاعين الذين ينهشون بعضهم بعضاً في الخارج، على ان المصيبة الكبرى تتلخص في كون زومبي لاند جمهورية ديمقراطية (توافقية) برلمانية مما يعني ان للزومبيز أصواتاً إنتخابية لا يتورعون عن إعطائها لهؤلاء الذين يعدوهم بالخلاص من “زومبيتهم” ويكذبون…
لبنان مثلاً مجتمع “متزمبى” (اي مصاب بالزومبية) وينتهجها شعبه ديناً وطائفة وعقيدة وممارسة، يتلهى بالعض والأكل و”النياكة” (سكس يعني) ، يفترس اخيه الزومبي مثله لقاء القليل القليل، فيما هؤلاء القابعين في مجلس نواب الزومبي والحكومة الزومبية العتيدة منشغلين بتقسيم خيرات زومبي لاند ويديرونها حسبما يريدون. لمافيات وكارتيلات زومبي لاند جيوش محلية من اهل الزومبي يصارعون بها خصومهم، فيدير كل منهم زومبييه بمواجهة زومبيي الزعيم الآخر، يزايدون على من هو أكثر “زوبية” ومن “زومبيته” هي زومبية حقيقية، يديرون الأمور حسب المناخ السياسي، فيخونون ويزايدون ويتظاهرون بنشل الشعب من زومبيته وهم في الحقيقة “يزمبيوه” أكثر من ذي قبل.
في زومبي لاند التي توافقنا على تسميتها بلبنان تتعدد المواقف والتحالفات، فيتقلب أمراء الزومبي من موقف الى آخر دونما حسيب ولا رقيب، ويطلقون المواقف “النهاشة” من على شاشات التلفزة، ويؤلفون كتل نيابية مثل تكتل الكذب والتحوير، واللقاء الوطني الزومباوي، وكتلة زومبي أولاً وغيرها…
في زومبي لاند هناك بعض المسعورين زيادة عن اللزوم يوترون الأجواء “ديليفري” حسب الطلب، وهناك زومبيز مسلحين، وزومبيز ملاعين، وزومبيز طائفيين ،حتى انه هناك زومبيز شعبويين وزومبيز نخبويين…
في زومبي لاند ينفرد عتاهية الزومبي بالقرار ويتقاسمون البلاد والنفوذ بفساد تام لأن الزومبيز العاديين مشغولين بالنهش والكره وقتل بعضهم.
لطالما قلنا نحن من لم تنل منا “متلازمة الزومبي” بشكل كامل، بل بشكل جزئي، ان الحل يكمن في عض وإستجلاب هؤلاء من قصورهم، وإخضاعهم لمحكمة الشعب الزومبية ومحاسبتهم على ما إقترفت ايديهم بحق الزومبيات والزومبيين على مدى سنوات خلت، بدء من العام 1840 مروراً بالعام 1957 وصولاً الى الحرب الأهلية الزومبية العام 1975 و ما تبعها من فورانات وتحركات شعبية وسياسية وعسكرية متزمبية…
لابد للزومبيات والزومبيين ان يستفيقوا يوماً من مجاهل زومبيتهم، ويدركون ان صوتهم الإنتخابي هو سلاح يقارعون به المافيات فيحجبوه عن من يقترف الفظائع بحقهم، للوصول الى ذلك لابد من إعادة تأهيل الزومبيز أجمعين تحضيراً لإنتفاضة الزومبيز الكبرى، فيمتنع هؤلاء عن الإصطفاف خلف المذاهب الزومبية وأجنداتها، ويلتزمون بالتعاضد والتتكافل والتضامن، ليتسنى لمن يصنع المصل المضاد ان ينصرف الى عمله بدلاً من ان يهرب منهم، فيتفرغ لينتج لهم محلول الثقافة السياسية والإجتماعية وعقار إحترام الإثنيات والتعدد الزومبي، عندها فقط نرعب “نحن الزومبيين” هؤلاء المستحكمين ونرهبهم ونخضعهم …
عشتم، وعاشت زومبي لاند، حرة، مستلقة، متزمبية…
–

–
–
اترك تعليقاً