في يومنا هذا، حيث الحقيقة (هيدي غير الحاقيقا و الحئيئة) ولا شيء غيرها يجب ان يظهر، انا على إستعداد للقسم اني لا أجعل الامور اكثر درامية ومأساوية، ولا أرتب مجموعة من التخاريف في جمل وسطور، ففي خضم سوء الأداء السياسي اللبناني هذه رسالة من القلب الى القلب الى الخصم قبل الصديق ، هذه دعوة الى … الثورة!
في معمعة التعقيدات اللبنانية التي سرعان ما تطفو الى السطح عند اول محاولة للم شمل النشطاء اللبنانيين لابد من تناسي الخلاف الضيق إن ايديولوجياً او حزبياً او عقائدياً او اي نوع آخر من العلل التي إبتلينا بها، لابد وان نتناساها جميعها ونحاول ان نضع اليد باليد للخروج من الأزمة، فكم هو جميل المثال التونسي والمصري في نبذ الخلافات الداخلية والوحدة في جبهة معارضة واحدة ضد الفساد والطائفية والظلم وقلة الحيلة والحقوق المهدورة للعمال والمواطنين وفقدان ابسط مقومات العيش الكريم، ناهيكم عن تراجع قيم الحريات وإستسهال “السحسحة” و “فك الرقبة” على الحوار.
من يقول ان لبنان ليس أرضاً خصبة للثورة التغييرية الشاملة هو مخطىء، ما الذي عانى منه المصريون والتوانسة ولم نعاني منه نحن؟ الفساد؟ نحن نعاني من فساد أكبر واوسع واشمل واقسى، القضاء على الحريات؟ من منكم يجروء على الإجهار بخلافه مع حزب الله في الضاحية، ومع تيار المستقبل في طريق الجديدة، ومن يجروء على إنتقاد سمير جعجع في بشري، او الإعتراض على بيك الجبل في عرينه حتى ولو إنقلب هؤلاء في دائرة من 360 درجة لا الى نقيض من 180، تقولون صحف ومجلات وتلفزيونات؟ بغض النظر عن ايام الغضب بإختلاف الغاضبين فيها، هل هناك من وسيلة إعلامية واحدة مستقلة بدون اجندات داخلية ضيقة او خارجية مرتهنة؟ مجتمع مدني وجمعيات؟ وتسمون مقبلي ارجل المانح الدولي مجتمعاً مدنياً؟ هل يصل صوتك ايها الشاب اللبناني؟ طبعاً لا، يعانون من ديكتاتور واحد؟ عذراً، فوضعنا أسوأ نعاني من أكثر من 300 ديكتاتور طائفي وسياسي، عندنا إنتخابات نزيهة؟ اي نزاهة والأصوات تشترى وتباع إما بالوعيد وإما بالترهيب السياسي او الطائفي الديني او تعلب مسبقاً في لعبة الحسابات الدولية، عدالة إجتماعية؟ اين هي؟ لو رأيتموها “ببوس ايدكن دلوني” او قولوا لها بأن ابو حسين مات على باب المستسفى في الهرمل، وان شربل باع اثاث بيته ليدفع ثمن تنكة المازوت ومع ذلك تجمد برداً في اعالي الجرود، خدمات؟ اي خدمات؟ نحن الخدم، نخدم الدين العام بايدينا وأظافرنا وأسناننا، تعليم؟ ماذا تعلم الجامعات اللبنانية غير التبعية للأحزاب الطائفية وحمل السلاح والسكاكين؟
سؤال بديهي، من هو المسبب؟ وهل هناك حاجة الى تحليل السبب والمسبب؟ اليس الأمر واضحاً؟ اليست الطبقة السياسية اللبنانية من اغنياء الحرب وامراءها والمتاجرين بالموتى مسؤولة عما عصف بالبلاد منذ ما قبل 1975 الى اليوم؟ اليسوا هم ذاتهم من قضم حقوقنا وباعها، وإن لم يفعلوا ذلك بالمال فعلوه بتعطيل اي اساس لأي حراك ديمقراطي في البلاد بالتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور؟
اعطوني جواباً لأتخلى اليوم والآن عن حلمي بالثورة، كم ممثل للشباب عبر الى البرلمان؟ كم ممثل للعلمانيين يجلس تحت القبة الوزارية المذهبة؟ كم من طموحاتنا كشباب حققنا؟ كم من حقوقنا إستردينا؟ لبنان “كان زمان وجبر”، كنا فيما مضى (ولو توافقياً) الديمقراطية الأولى في المنطقة، فأمسينا الديكتاتورية الأخيرة فيها، عاجزين عن خلق اي تغيير، لابل ونجتر (بمعظمنا) ديكتاتورياتنا المحلية يوم يحل إستحقاق التصويت.
بتحليل بسيط ساقه امامي صديق مغترب، الشعب يقدس السلطة او القوة، فلنقدم له بديلاً قوياً يجعله يحجم عن الإلتحاق بالرجعيات السياسية والطائفية، فلنقدم له مشروعاً بديلاً يعيد اليه الأمل، عندها ستكون الغالبية العظمى من اللبنانيين اكثر وضوحاً في مساندتنا، هي الى جانبنا حالياً، لكننا نحتاج الى إظهار ذلك لكي يرتعب ناهشو السلطة بشقيهم الموالي والمعارض وليدركوا ان زمن السكوت قد ولى، تحليل آخر، بحسب صديق آخر، التغيير مسألة قدرة، لا مسألة إحتمال، فالإحتمال على الأرض حالياً هو (صفر) مربع ومكوّر في وجهنا، اما قدرتنا على خلق قوة تغييرية نحن الشباب الواعي لا يستهان بها و تكمن في قدرتنا على تحليل ما يبقي هؤلاء في السلطة وبالتالي إبعادهم عنها عبر نشر ذاك الوعي السياسي والإجتماعي بين المواطنين، وقبل ذلك يجب التخلي المطلق عن خلافاتنا الضيقة، والأهم تجنب المعضلة الدائمة بتعريف الهوية الوطنية، فلنخلق هوية وطنية جديدة، ولنعيد ترتيب الأولويات، قبل ان نهتف للقضايا العابرة للحدود والقارات.
ايها الأصدقاء والرفاق، تلك القضايا العابرة للحدود لن تبرح مكانها، السر يمكن في وحدتنا وإتفاقنا على العمل في جبهة واحدة ولو إختلفت التسميات، فلبنان، قبل ان يكون وطناً لنا (حتى ولو ان بعضنا لا يؤمن به كياناً) هو بالأساس بقعة جغرافية نعيش فيها سوياً، تُلزمنا بالعمل على تحريرها لنتحرر نحن، يلزمنا كواقعين تحت قوانينها العيش فيها بكرامة وإنسانية بعدالة دون تبعية، الاوطان ارض وشعب ونظام، الأرض نتشاركها والشعب همه واحد، والنظام فساده يخنقنا يومياً ولا يفرق بين مؤمن بقومية او هوية طالما ان الوالي والطامع والقاتل واحد.
إن سكتنا اليوم وإستسلمنا على عادتنا فسيخفت صوتنا الى الأبد، هذه هي اللحظة الجارفة، اللحظة ذاتها التي اطاحت بديكتاتور مصر ولص تونس، فلننسى الخلافات، ولنطلق تكتلات شعبية شبابية، نحن أساس كل تغيير، نحن اقوى بالمعرفة والإيمان بعدالة قضيتنا، فلنرهب اهل الفساد والسلطة بشقيهما الآذاريين الباليين، قد آن الأوان ان يرتعدوا خوفاً من محاسبتنا لهم، دقت الساعة كي يدركوا ان الثورة ليست نتاج ديكتاتورية الشخص الواحد، وان الثورة إن اتت فلن تعيد التجربة الآذارية التي أطاحت بالشباب لصالح زعماء الطوائف، لن تكون مستوردة، بل محلية الإنتاج والتوزيع، سيرتعدون ويخافون فقط عندما يدركون ان الثورة قد ولدت من رحم نضال شبابي يؤمن بالحرية والكرامة الإنسانية كأسمى القيم الجامعة، وان زمن حكم الوصايات الخارجية كلها قد بار في سوق غسيل الدماغ، الى ثورة الشباب العارمة، مد التغيير وجزر التخلف، رصوا الصفوف، فدرب النضال طويل، طويل …
–
–
اترك تعليقاً