وفي الشهر الخامس ولدت الحكومة “المكتومة القيد” ، والمكتوم القيد هو المصطلح اللاعنصري الذي اتى به الوزير السابق زياد بارود ليحل مكان كلمة “لقيط” التي كانت تدون في السجلات حتى وقت قريب، على ان الحكومة “الطازجة” إفتتحت عهدها بالتبشير العنصري حتى قبل صورتها التذكارية، فما كادت تبلغ من العمر 48 ساعة حتى اطلت علينا سلسلة من التصريحات اللاموزونة واللامفهومة تأتي لتؤكد على خوف النشطاء من مأتم مهيب للحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان.
لن احكي عن الشق السياسي، فالحكومة هذه لن تختلف في كيديتها السياسية ولا الإيعاز بتشكيلها عن سابقاتها، إلا بأنها شكلت على عجل بعد صدور كلمة السر من الخارج تبعاً للتطورات الإقليمية على المحاور الغربية والعربية، فتجاهلت ابسط قواعد المنطق و إكتفت بالتوزير “التناهشي” اي الصراع على تقسيم الحصص والمكاسب والمقاعد، لا التنافس على خدمة الوطن لإنتشاله من آتون من المصائب التي يتخبط بها فسجلت سلسلة من المفارقات بدأت بتحطيمها رقمين قياسيين يدخلوننا مجدداً موسوعة غينيس من اوسع أبوابها، أولاً في المدة التي إستغرقتها عملية “تبويس الذقون” المعروفة في لبنان بتشكيل الحكومة، إضافة الى رقم قياسي جديد سجله النائب طلال إرسلان كأسرع إستقالة ذلك بعد دقائق من تشكيل الحكومة عتباً على عملية التوزيع التي كان نصيبه فيها بدل الحقيبة كيساً، فإستقال…
عود على بدء، في الخوف على مستقبل الحريات ومفاهيم المواطنة في لبنان، نرى وزير الداخلية القادم من المدرسة القديمة للسلك العسكري في وزارة تعاني اصلاً من تاريخها الاسود في إنتهاك حقوق الإنسان وقمع حريته “وخدوا على سحسحة بكرا”، على ان المصائب لا تتوقف هنا بل يطالعنا تصريح الرابية حول مسألة عدم توزير سيدات في الحكومة، فكان رد الجنرال الحرفي “كلكم تعرفون أن المرأة في لبنان تحتاج إلى مزيد من التمرّس في الحياة العامة حتى تتمكن من أن تؤهل نفسها أكثر للعمل النيابي والوزاري”، هنا لابد من تذكير الجنرال ان اللبنانيات لا ينقصهن المؤهلات، بل يعانين من الذكورية والديكتاتورية المجتمعية التي تمارس عليهن، ولو كانت الوظائف في لبنان ترتكز على اساس المؤهل العلمي والتقني لا التحاصص الطائفي والإستزلام لأحتلت سيدات لبنان الأكثرية الساحقة من الوظائف العامة والخاصة.
وإن ظن البعض اننا نزيد من وقع العقد العنصرية والجندرية فماذا عن وزير الشباب والرياضة؟ واي منهجية شبابية رياضية سيتبعها السيد فيصل كرامي وهو من خرج علينا ليبلغنا صراحة وللمرة الثانية (قبل إستلام مهامه) رفضه لمشروع القانون المحال الى مجلس النواب والرامي الى حماية النساء من العنف الأسري لما يمثل من تهديد للأواصر الأسرية التي تربت عليها العائلات اللبنانية منذ القدم، على حد تعبيره، وهنا فات الوزير الشاب ان الضرب والركل والإغتصاب و”الشد بالشعر” قد يكون من العادات التي تربت عليها بعد العائلات اللبنانية منذ القدم فعلاً، ولكنها عادات تحتاج الى قانون لتصبح من الممنوعات التي تستأهل سجن مرتكبها أمداً طويلاً…
بالامس كتبت صديقتي على الفايسبوك تنتقد غياب الوجوه النسائية عن التشكيلة الحكومية، فضحكت لأنني لا ارى في غياب النساء عنها مشكلة، إذ انني لا ارى في الحكومة رجالاً ايضاً، بل بذات فارغة وربطات عنق “يونيسكس”، تناسب كل المقاسات، إلا اللبنانية منها.
اترك تعليقاً