ضربني وبكى، سبقني وإشتكى

بالزمنات، ايام المدرسة الإبتدائية كان لي صديق غصباً عني إسمه فارس، على ان اخلاقة لاتمت للفروسية والنبل او الفراسة بصلة، فقد كانت “يده طويلة” يسرق مصروفي بالتهديد ويناولني ما تيسر له من “سحاسيح” وركلات مع كل مناسبة وحتى دونها احياناً، فرضت عليّ صداقته التي لم اختارها من قبل المعلمة التي خرجت بفكرة نيرة مفادها ان توزع التلاميذ الكسالى قرب التلاميذ المتفوقين، وما ان انتهت القسمة حتى لم يرضى اي من الشطار ان يجالس فارس فكان نصيبه ان يجلس قرب الصبي المؤدب (محسوبكم) لربما يصطلح حاله.

دأب صاحبنا فارس المستذئب على رسم اصابعه الخمسة سحاسيحاً على رقبتي يومياً، حتى مللت من تصرفاته وسرقاته وقررت ان اضع حداً لها بأن اشتكيه للمعلمة التي سبقتني طالبة حضوري الى غرفة الأساتذة، وهناك وقف فارس الأرعن يبتسم، الى جانبه شاب وسيم هو اخاه، يضحك للمعلمة ويده على قفاها من خلف الطاولة (شكلن كانوا مصاحبين) المهم، ما ان وصلت حتى إنهالت عليّ صراخاً وملامة على سوء تصرفي وضربي اليومي لفارس المسكين وسرقتي لأمواله ! وكانت وتيرة صوتها ترتفع وتنخفض بإرتفاع يد أخو فارس وإنخفاضها على مؤخرتها دون حياء او حسبان لوجود طفلين في الغرفة، ربما كانت المواجهة الأولى لي مع الظلم الذي ما ان ذقت طعمه للمرة الأولى علمت انني سأكون نصيراً للمظلومين في الأرض من بعدها ما حييت.

بعد ان ضربني فارس اللعين وبكى وإشتكى، حكمت عليّ المعلمة العاشقة بوجوب ان ادفع لفارس الفي ليرة مقسطة على اربعة ايام اي ضعف مصروفي اليومي وقتها، بإعتباره المبلغ الذي سرقته منه!!!! …

بالأمس قبل ان انام سمعت من صديقة لي عبر الإنترنت عن فارس آخر، إسمه إميل رحمة، وإميل هذا ليس بطالب، بل بنائب عن الأمة المحزونة، لم ينتخب بمعنى الكلمة، إنما أيضاً فرض على الشطار والمؤدبين الذين لم يعرفوا كيف يمارسون حقوقهم فإنتهى إميل فوق رقابهم يسحسح عليها عالطالع والنازل…

إميل رحمة، النائب عن الأمة المحزونة، كان طائراً على عادته في موكب جنوني يسابق الريح الى كنيسة بشوات للمشاركة في حفل إستقبال البطريرك، ولأن العالم برغش، أطاح موكب سعادته بحاجز لهيئة كاريتاس الخيرية عن بكرة ابيه وأكمل سيره فيما اصيب ثلاثة اطفال هم جو رحمة (13 سنة) شربل رحمة (14 سنة) وايلي رحمة (13 سنة) برضوض لأنهم ألقوا بأنفسهم بعيداً عن الموكب المجنون للنائب البلا رحمة…

وتماماً كما فارس، افضت قريحته الى إستباق الأمور مهدداً من يحاول تشويه سمعته برفع دعوى قضائية ضد كاريتاس وممثلتها في المنطقة التي اكدت لصديقتي وقوع الحادث وقيامها بتضميد جروح الأطفال…

فعلاً لا حياء ولا خجل، ضربني وبكى، سبقني وإشتكى..


by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *