منذ يومين “شبقت” تنظيره عن كتاب التاريخ اللبناني، وعن كوني تلميذاً “طلطميساً” فيما مضى صدق وانغرم بخبريات فخر الدين الأول والثاني والأمير بشير والربوع اللبنانية الهادئة وإنتاج دودة القز وما شابه، الى ان عقلت وتوكلت وفهمت زيف الكتاب الذي كاد “يجيب اجلي” من شدة ما آمنت به، وابتلعته حتى خياشيمه، وصرت لفترة (بعيد الشر عنكن) قومي فينيني، قبل ان اصحو من مس الجنون وعمى الألوان…
على ان كتاب التاريخ وحده ليس بالمشكلة، اليوم حان الوقت لتنظيرة أخرى حول الفصل المتعلق بلبنان في كتاب الجغرافيا، هذا الكتاب الذي اقل ما يقال عنه انه ينفع “بروشور” لإستجلاب السواح لا لتدريس التلاميذ.
أذكر اليوم الذي كانت تشرح فيه المعلمة درس لبنان، ومناخه المعتدل، وانا أكاد اختنق من شده الحر، ومن رائحة إبط التلميذ الجالس الى جانبي كلما قادته حماسته الى رفع إصبعه محاولاً الإجابة عن سؤال ما.
ثم تأتيك خبرية عدد سكان لبنان، 3 مليون وسبعمائة الف! كيف هاي؟ وكيف “فقعوا” التقدير هذا وآخر إحصاء سكاني جرى في العام 1932! اكاد اجزم ان جار اهلي في مبناهم السكني لديه نصف هذا العدد من الأولاد، هو وزوجته التي لا أذكر انني رأيتها يوماً إلا و كانت حاملاً حتى كادت عائلته مجتمعة ان تشكل فريقاً لكرة القدم بأحتياطييه ومدربيه!
لأ، كمان الشعب المضياف الذي يحب الأجانب! وهي خبرية صحيحة، وإلا لما “إندحش” كل فريق سياسي في لبنان “بطيز” سفير اجنبي، لا خلاف حول الموضوع، بل الخلاف على الشق الأول من الجملة، الشعب فعلاً مضياف، مضياف لدرجة انه لايزال منذ العام 1975 يمارس القتل والكراهية الطائفية بشراهة لا توصف!!!
كذلك الأمر لخبرية مساحة لبنان! وهي المصيبة الأكبر لأن الكثيرين قد ماتوا لأجل هذا الشعار، يقوم يطلع غلط! مصيبة، فلنفترض ان مساحة لبنان عند الإستقلال كانت 10452 كلم مربع، اين ذهبوا بالقرى السبع، إضافة الى مزارع شبعا “المحتلة” التي لم تكن على خريطة لبنان قبل العام 2000 (وإلا كانت الحدود مرسمة بين لبنان وسوريا ولم تكن محل نزاع صح؟) ، ناهيك عن الكيلومترات الطويلة التي ردمتها سوليدير في البحر! يعني إسمحولي فيها، في عالقليلة 50 او 60 كيلومتر ضايعين بالدق!
أخيراً تأتيك نظرية الربع ساعة! وهي النظرية الأهبل صراحة، قال شو؟ يمكنك التزلج على الثلج في الصباح والإستمتاع بشمس البحر في بيروت عند الظهيرة، بإعتبار الجبل يبعد عن البحر ربع ساعة فقط، علماً بأن المشوار من حي بيروتي الى آخر يبعد عنه بضع كيلومترات يضيع نصف النهار بالتمام والكمال! سؤال الى عزيزنا مؤلف كتاب الجغرافيا، هل قدت سيارتك يوماً من سن الفيل الى الحمرا مثلاً؟ وهي نصف المسافة من الجبل الى البحر.. آخر مرة فعلتها سبقتني الطائرة، والرحلة التي تليها !!
المشكلة الحقيقية ليست في المعلومات المغلوطة والملوكة التي تقدمها هذه الكتب، بل في كيفية نشوء الوعي اللبناني على اسس خاطئة بناء عليها وعلى مثاليتها الخاطئة، فنصبح مسيرين مكرهين الى التمسك بتلابيب الكلام، فتصدق مثلاً ان فيروز سفيرتك الى النجوم تغني لأجلك، لا لأجل الـ 200 دولار “الساحبيتها” من جيبتك (وهو حقها شرط ان لا تجعلها إلهاً يعبد) او انك كلبناني افضل من باقي الإنسانية، او ان العاملة الأجنبية القادمة من اثيوبيا هي “سيريلانكيتك” او ان المقيم السوري اقل منك شأناً، الى ان تقودك العنصرية المفرطة الى تطبيقها المحلي، فتعتبر انك يجب ان “تتعشى” عند الماروني، وتنام عند الدرزي، وان الشيعي إلو ذنب، او ان السني دمو أزرق… كِلوا خرى….
اترك تعليقاً