للجولة الليلية على فايسبوك متعة خاصة لا يعرفها ولا يفهم اهميتها إلا من يمارسها بشكل شبه يومي مثلي، بحيث استقي المعلومات والتحليلات وانظر من خلف شاشتي الى تفاعل اللبنانيين مع بعضهم في هاجوج وماجوج من الكلام والكتابات، منها ما هو “فاشوش” وتنظير بحت، ومنها ما يسترعي الإنتباه حقاً، على ان المتعة القصوى هي الخروج بتحليلات لن اجد مثلها أبداً في كل كتب السايكولوجيا والتحليل المجتمعي، المجتمع اللبناني على فايسبوك معرى “بزلط ربه” يمارس كافة انواع التنظير والتفكير والتكفير والفلسفة عاكساً صورة سريالية للمجتمع كما هو، وإن كنا سابقاً نستقي هذه الصورة من متناقضات شارع الحمراء في بيروت الى ان بهت وخفت نوره، فأستعضنا عنه بما هو اكثر تنوعاً، عزيزكم وعزيزنا.. الفايسبوك.
في خضم الإستمناء الفكري للبنانيين على الفايسبوك تطالعك النكات واهازيج المديح او السباب لأرباب وازلام السياسة اللبنانية تماماً كما هي الحال في المجتمع المنقسم على نفسه، لكن وبدون طول سيرة، طالعتني صفحة على الفايسبوك امس تدعو الى مقاطعة برنامجين تلفزيونيين هما “لازم تعرف” الذي يعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال و برنامج آخر هو “حكي كبار” الذي تعرضه قناة الجديد، استرعى الموضوع انتباهي (راحت عليهن للجماعة) فدخلت الصفحة متوقعاً ان اجد تفسيرات ادهى على ان التفسير الذي تحمله الصفحة هو التالي:
التوعية الجنسية امر جيد ومطلوب ولكن يجب ان تجري ضمن اطر معينة وخاصة وبطريقة لبقة ومحترمة وهذا ما لا يتجسد في برنامج “لازم تعرف” وبرنامج “حكي كبار” حيث اصبح مستوى التعاطي مع هكذا امور دون المستوى المطلوب واصبح استعمال التعابير الفاضحة امر سهل وبسيط دون التفكير بنوعية المشاهدين الذين يجلسون امام الشاشة في اوقات باكرة من الليل. معا لمنع بث هكذا برامج تسيىء لمجتمعنا واجيالنا.
ممتاز، فلنجرب ان نفند قليل من المتناقضات، (التوعية الجنسية امر جيد ومطلوب) ثم تنتهي فقرة اللعي والجق بجملة (دون التفكير بنوعية المشاهدين الذين يجلسون امام الشاشة في اوقات باكرة من الليل. معا لمنع بث هكذا برامج تسيىء لمجتمعنا واجيالنا)
يعني مش عم بفهم! كيف التوعية امر جيد؟ ومن ثم يريدون إبعاد المشاهدين عن مشاهدتها؟! ثم الجملة المضحكة، (في اوقات باكرة من الليل) ايمتى بيحطوها؟ بعد الساعة 12 بس العالم تنام مثلاً؟ ثم من قال ان الشريحة المستهدفة من البرنامج هم الكبار فقط؟ الكبير يحتاج الى توعية جنسية مجتمعية في لبنان صحيح، انما فات الفلاسفة على الصفحة ان يلحظوا ان المراهقين والصاعدين هم شريحة مستهدفة بهذا البرنامج ايضاً، ثم انكم بتم نقاد تلفزيونيين محنكين قادرين على تحديد خطوط عريضة للإنتاج التلفزيوني؟
ثم الجملة الأخيرة المضحكة “معا لمنع بث هكذا برامج تسيىء لمجتمعنا واجيالنا”
يعني على اساس ان المواضيع التي يطرحها البرنامجان آتية من المريخ! ليس من صلب المجتمع اللبناني المريض، لأننا كلبنانيين ارقى واعظم من ان تكون لدينا عقد ومصائب وامور مجتمعية مش هيك ؟

اذكر مرة كان صديقي يستعرض صور حفلة اقمناها في المدرسة امام اهله، في خلفية احدى الصور وراءه ظهر صديقان لنا يقبلان بعضهما، كادت امه ان تدخل في غيبوبة ففي ظنها ان المثلية الجنسية في لبنان معدومة وغير موجودة وإن كانت موجودة فهي مرض نفسي وكفر وعبادة الشيطان؟! الله ستر كان عندن ماء الزهر وإلا كانت راحت فيها.
يغيب عن اللبنانيين الشطار الغيورين على الجيل الصاعد امثال هؤلاء ان العلة ليست في برنامج يقدم النصح والإرشاد ، انما في عدة محاور اكثر خطورة وبديهية، منها “ما يدحشه” الأهل الغيورين في عقول ابنائهم من إنتماء للطائفة قبل الوطن، وما يغرسوه من حب للزعيم المفدى قبل المواطنة الصحيحة، ومن إسطوانة التخويف والتهويل وكره للآخر شريك الوطن.
فات هؤلاء ان جهلهم الإجتماعي والجنسي ينعكس على اطفالهم ، فإن ظنوا انهم وحدهم من يجب ان يشاهد برنامجي لازم تعرف وحكي كبار فهم على خطأ كبير، مصيبة اذا كان الأهل هم من يحتاج الى تربية جنسية ليعرفوا ماهية الجنس واحساسيسه وكيفية ممارسته، مصيبة ببساطة لأنهم على جهل كبير بكيفية نقله الى الأطفال! ولك مصيبة إذا بدك تضل تقول لأبنك انه إجا من الخسة !يخرب بيتك!!!
ما يغيب عن اصحاب الصفحة هو ان التوعية ضرورية على امور مثل الإغتصاب الزوجي كي لا يدفع الكبت بأطفالهم في المستقبل الى القيام بذلك، وفي ابسط الأحوال، التوعية هذه ستمنعهم من الإصطفاف خلف العمامات والقلنسوات المؤيدة للإغتصاب!
فاتهم انهم يوهمون ابناءهم ان الجنس حرام ومصيبة وهو امر كريه! فاتهم تهويلهم امام اطفالهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، وان من تفقد عذريتها قبل الزواج باتت مصنفة تحت تصنيف “شرموطة” تلقائياَ !!!
فاتهم ان العلة ليست من البرامج هذه، بل من مجتمع “مجدوب” عن بكرة ابيه، يحلل ويحرم على ذوقه، يفعل “السبعة وذمتها” في الخفاء ويتستر على عقده النفسية في العلن.
فاتتهم المتعة والمسيار والهجر والإنفصال !
فاتهم ان فايز شكر لطش عبارة “كس إختك شرموطة” خلال البث المباشر، وان زلمته القواص طالب انو الله يحكي معه بإحترام، فات هؤلاء ان البرامج الدينية تتآكل عقول اولادهم بعظات سياسية بلا دين بالمرة! وان التلفزيونات اللبنانية عندما تعد القتلى تخرج بأسماء اللبنانيين الثلاثية و 10 سودانيين و 5 فيليبينيات كأنهم أرقام صناديق بضاعة بلا اسماء.
فاتهم ان عقدهم النفسية وانغلاقهم هو ما يجعل هذا المجتمع معقداً، ثم إسطوانة “مجتمعنا وقيمنا” ولك اي قيم ؟! لبنان ليس قندهار ولا الرياض.
ثم فاتهم بالمطلق، ان الجنس والعلاقات الجنسية وما شابه ليس فسقاً وفجور، فاتهم كل ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة، تسلحوا بكلمتين يسمعوهما ويبتلعوهما اقراصاً او حقناً بالوريد .. “مجتمعنا وقيمنا” ..
خبروني عن القيم، حسناً، حب الخير والمجتمع والتسامح، ممتاز، الى درجة انكم تكرهون كل ما هو من طائفة اخرى، الشرف والأمانة؟ اي نعم، وانت ساحب شريط من ورا ساعة الكهرباء، اللسان النظيف؟ ماذا عن سائق الباص الى المدرسة الذي كلما طاحت من امامه سيارة عاجلها بسمفونية بيتهوفينية – موزارية – باخية من الأعضاء التناسلية؟
يا ريتكم تفهمون معنى الجنس قبل الجيل الصاعد، عل البهجة الغائبة عن ارتباككم الجنسي تعيد اصلاح ما افسدته السياسة.
انا بطبيعة الحال لا ادعو (هنا على الأقل) الى التسيب و الإباحة المطلقة (مع انها حق مكرس لمن أراد غصباً عنكم) انما انا اضحك من جهلكم ورجعيتكم وكرهكم لكل ما هو جميل في الحياة، التوعية اساس، والجنس مجموعة من الأحاسيس الجميلة المتناغمة، لا فرضاً وواجباً ليلياً، وكيف تفهمون؟ وانتم من جماعة السكس عاللوكس .. غطّي الوش وبوس الـ…. او بلاها احسن
اترك تعليقاً