كتبت منذ أشهر تدوينة بعنوان كيف اعدم النظام المواطن نبيل زغيب، حملت فيها النظام اللبناني المسؤولية الكاملة عن دفع المواطن نبيل زغيب الى الإنتحار يأساً، ثم اعدت صياغتها ونشرتها في جريدة النهار، يومها لم يهتم أحد لأمر الرجل وكاد الخبر ان يمر مرور الكرام لولا صحافي في جريدة السفير حمل مأساة الرجل وحاولأن يجد لها آذاناً صاغية.
لمن لا يعرف نبيل زغيب، هو مواطن لبناني، طاوله إنتقام رب العمل بعد أحداث 7 ايار، رب العمل المتخم بالمال إختار ببساطة ان يطرد نبيل زغيب من العمل بسبب طائفته، كبت نبيل زغيب يأسه وحزنه وبطالته وفقره المدقع ، خط رسالة بيد ترتعش طلب فيها السماح من عائلته و المساعدة من حزب الله واستودع الدنيا واختار الهجرة الى اللاوجود، مطاره كان غرفة بسيطة والفيزا لحافاً بسيطاً شنق به نفسه مستعيضاً عن مطار رفيق الحريري المترف وبلاطه اللامع.
بعد وفاته تاجر الجميع بالرجل، اصحاب الأمانة المفترضة نسوه وتناسوا اولاده، هو لم يعد صوتاً إنتخابياً، وابنه زاهد التحق بالمطالبين بإسقاط النظام الطائفي، فلم يعد هناك من داع لإستجلاب المأساة واستحضارها في معرض التجييش.
بعد سنة على رحيل نبيل، كان اليأس قد استبد بأبنه زاهد، فحجز بدوره رحلة الى المجهول، طار من فوق صخور الروشة ليحط في وادِ سحيق وينقل الى المستشفى كتلة رخوة فيها رمق يحتضر.
من المتهم بقتل نبيل وزاهد؟
المتهم الأول بقتل نبيل وزاهد هو النظام اللبناني بأكمله، المتهم الثاني هو المواطن المستقيل من واجباته في المساءلة والمحاسبة، قتلهما من انتخب “زي ما هيّ” ومن انتخب “بتكليفات شرعية”، قتلهما الشعب اللبناني الواطي الذي ينتخب بالروح ويبكي بالدم، قتلهما المصفق والمهلل والمكبر والمصلب، قتلهما الطائفي والرجعي والفاسد والعنصري، قتلهما يمين مستذئب و يسار ذو شعارات الفارغة.
المتهم الثالث بقتل نبيل وزاهد هم الثوار المفترضين الذين ابتلعوا حراكهم اللاطائفي ولاكوه في افواههم المشدقة المزبدة بالمصالح والشعارات، هؤلاء ان لم يقتلوا نبيل، فهم قتلوا زاهد يوم اوهموه بأنه حراك شعبي حقيقي، قتلهما المناضل المشغول بنضالات اقليمية متانسياً القضية المحلية.
من يقتل نبيل وزاهد كل يوم؟
يقتلهما كل من يقرأ هذه السطور، ولا يفكر إلا في الإعتراض على ذكر زعيمه السياسي – الطائفي بلا عين تقشع ولا قلب يوجع.
الى كلاب السياسة اللبنانية من رأس الهرم الى اسفله، من 14 الى 8، من لا يحترم الإنسان لا يحترم الوطن، نحن لسنا بغرباء عن مأساة نبيل وزاهد، انما لم نحجز تذكرة الانتحار بعد لسبب بسيط، اغلبنا يريد أن يكون حياً يرزق ليشهد اليوم الذي نستفيق فيه لندوس عليكم كما دسنا على من قبلكم، بيننا وبينكم تدوينات وسطور وصناديق انتخاب، واليس الصبح بقريب؟
اترك تعليقاً