لن يوقفوا زحف الربيع…

اصعب ما يمكن ان تواجهه هو ان تضطر للكتابة عن خضر سلامة وعلي فخري، هو امر واقع فرضته عنجهية الأمن اللبناني فبات لامفر منه، الصعوبة لاتكمن في اللغة ولا في سرد الأحداث، صعوبة الامر هو انك تكتب وتحاول ان تتجنب المديح المفرط والشعر والدراما والرومانسية، وان تتجاوز الواقع بأنك تكتب عن نفسك لا عنهم، علي وخضر يشاركانك الهم ذاته والتحدي ذاته والعدو ذاته، علي وخضر جزء منك،  من احلامك، من مستقبلك وماضيك ووطنك، جزء من حلمك بالعبور الى وطن جميل بلا طائفية وبلا تبعية، علي وخضر جزء من دراما الحرب اليومية المستعرة بين شباب مؤمن بالحرية والعدالة الإجتماعية وبين نظام فاشي مهترىء تقوده عسس الإرتهان الطائفي والتبعية العمياء.

في ذات مساء مظلم كحال معظم امسيات بيروت المنقسمة على نفسها القى الأمن اللبناني القبض على خضر وعلي لانهما رسما خربشات الحرية على جدران مدينة ترتفع كالسور لتقطع الماء والكهرباء والهواء والحياة عن قاطنيها.

قوى الامن الألعوبة التي تتفنن في الإستقواء على الضعيف فقط لم تدرك ان خضر وعلي اسمين فقط في جيش جرار من اللبنانيين الغاضبين والمؤمنين بالربيع الآت لا محالة، ما حدث بالأمس ليس إنتصاراً للمجتمع المدني اللبناني المهترىء، ماحدث بالأمس إنتصار لفكرة تعاضد المواطنين وتكاتفهم ضد الظلم والفساد والطبقة السياسية اللبنانية بشقيها الموالي والمعارض.

علي وخضر ليسوا يتامى اجندات بالية، ورائهم آلاف الناشطين وملايين اللبنانيين الصامتين حتى اللحظة، هذا ما فشلت القوى الامنية في إستيعابه، هذا ما تفشل الدولة اللبنانية بكل اجهزتها في فهمه كل يوم، هدير التظاهرات بالأمس دعماً لخضر وعلي سيتكرر كلما فكرت اليد الوقحة في ان تمتد الى حرية الرأي والتعبير على مساحة وطن جار عليه سكانه بإجترارهم نخبة الطبقة السياسية اللبنانية الطائفية وامراء الحرب والمال، يتامى الكسارات وسوليدير والصناديق والشعارات القومجية الفارغة.

من لايعرف خضر وعلي، لايعرف مدى كبر احلامهما ومدى صدق نواياهما، من لايعرف علي لايدرك مدى اندفاعه لحماية المظلوم اينما كان ومهما كانت جنسيته، لايدرك كيف انه خلص الكثيرين من العمال والكادحين والعاملات المنزليات من غبن النظام وعنصرية المجتمع اللبناني، من لايعرف خضر لايعرف مبادىء يؤمن بها تدفعه الى التضامن مع عمال شعبه ونضالات الشعوب الأخرى من سوريا الى البحرين خارج كل إنتقائية واستنسابية، فلايعرف الجوعان إلا الجوعان مثله.

بملاحظة أكثر شخصية، تربطني بعلي وخضر صداقة غريبة، خارج إطار النقاش الهزلي مع علي على احقيتي في ملكية “الكرش الاكبر” وخارج نقاش حام مع خضر عن يساريته المفرطة، هم وحدهم من يتقبلني كصديق واكثر مهما اخلفت معهما في الأيديولوجيات والأفكار، يجمعنا حلم واحد، خطه العريض ما حدث بالأمس من تكاتف وتعاضد ضد القمع.

لن أكتب الآن عن الأمن اللبناني الفلتان، ولاعن عسس المخابرات التي امعنت بالأمس في تشويه صورتنا ولا عن الرسائل الإستخباراتية التي وصلت مردودة سلفاً الى اصحابها، افرد لها تدوينة منفردة لاحقاً. هذه بضع كلمات فقط في وقت تخونني فيه قدرتي على التعبير والتركيز.

هنا بعض من الصور الجميلة التي التقطت بالأمس خلال الإعتصام، لابد من إرفاقها بتحية لمن وقف بالأمس في خندق واحد مع علي وخضر، شكراً لحسين غريب، سمعان خوام، فادي توفيق، سليم اللوزي، المحاميان نزار صاغية و عادل حوماني، الصحافي ثائر غندور، والرائع دوماً سعد الكردي والمناضلة الجميلة فرح قبيسي والكثيرين غيرهم.

اختم بالإعتذار علناً من الدكتور سماح ادريس عما بدر مني تجاهه سابقاً، من لايعرفك، يجهلك.


الصور : حسين غريب

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *