حدّاد إفرنجي

قد لايختلف إثنان على ان الصدأ قد أكل قلب الحافلة. فبات من الضروري  بتر الجزء الصدىء من أساسه، والشروع في وشة “حدادة وبويا” لإنقاذ ما تبقى من الهيكل الذي يجمع تحته خيارات الركاب، ولو فوضها هؤلاء لسائقين فوضويين عشوائيين وسارقين محترفين.

اليوم، وأكثر من اي وقت مضى، يبدو بأن حياتنا متوقفة على ثباث قشرة الدهان التي تخفي تحتها بقعة الإهتراء الآخذة في التوسع، ولابد ان يأتي يوم ينهار فيه ذاك الجزء، ربما دون ان ندري، “فتقطعنا البوسطة” في منتصف الطريق، فنصبح عراة مكشوفين على كل عوامل الطقس، تلفحنا الحرارة والبرودة حسب الجو المحلي او الإقليمي.

*
*

للأمانة، هدراً ذهب “كيلومتراج” السنين  منذ الإستقلال دون ان نصل الى الموقف الآمن الذي يتيح لنا العبور الى الضفة الأخرى، وللأمانة ايضاً اننا نحن السبب، لأننا نسترخص الحلول، دوماً نبحث عن حداد “إفرنجي” ليصلح الهيكل، فيكتفي “بطلسه” وإخفاء العلة الحقيقية، دون ان نذهب الى ميكانيكي اصيل، يسنفر الحديد ويفله، ولا يكتفي بالطلس، بل يلحم القطع ببعضها كما يجب ان تكون.

عزيزي القارىء، ربما لم تفهم شيئاً مما سبق، لكن ادعوك بكل طيبة خاطر، عندما تتوقف الحافلة السنة المقبلة، احرص على ان تختار السائق الذي سيقود “البوسطة” الى ورشة وطنية، حكّم ضميرك، لا تسترخص، الحافلة برمتها وضعها في الحضيض، لا تختار من سيقودها الى الهاوية، او سيصلحها “من قريبو” …هي أصلاً لم تعد تحمتل الحفر والمطبات.

عزيزي القارىء، ربما لم تفهم شيئاً بعد، لذا سأحاول ان اوضح الأمور في سياق آخر، وبكل هدوء، عند الإستحقاق الإنتخابي القادم، كن حنوناً مع زعيم طائفتك او منطقتك او حزبك، كن رؤوفاً به، امنحه تقاعداً مريحاً، لا تعيد إنتخابه ليحمل همك وهو صاحب القلب الكبير الذي يعيش من أجلك في حالة من الزهد اللامتناهي…

عزيزي القارىء، إن إخترت العكس سينفجر الدولاب، او يحترق المحرك، ساعتها شو بعملك؟ كس إمك، الله لا يقيمك.

 

إعلان مدفوع


Tags:

Comments

3 ردود على “حدّاد إفرنجي”

  1. الصورة الرمزية لـ Aref

    tayib, i am 32 years old w b7ayeteh ma intakhabet, because i disnt identify a good “Driver”, w ana me2teni3 minak ya Imad, bas what is my alternative if i decide to vote?

  2. الصورة الرمزية لـ hassin
    hassin

    تاني سطر : وشة لازم تكون ورشة 🙂 وشكرا

  3. الصورة الرمزية لـ سيارات

    موضوع رائع ومدونة ممتازه
    تسلم الايادى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *