يسجل اهل السياسة في لبنان غرائب وعجائب اين منها تلك التي سجلت في التاريخ القديم، فأستنسابية الأمن وتطبيق القانون والنظريات التي “يشبقنا” بها هؤلاء باتت تفوق اغرب الغرائب، ففي بلد الأمن الممسوك “من طيزو” كل شيء مباح، هذه الطبقة السياسية قد حفرت اساساً عميقاً لها وانبتت جذوراً تقتات على السرقة والقتل والفساد وصولاً الى الخطيئة والجريمة الاكبر التي قامت بها أي زرع الطائفية والمذهبية عميقاً جداً في النفوس بحيث بات إستئصالها امرٌ يستوجب بتر ثلاثة ارباع الجسد.
لبنان، انموذج حي على التطبيق الكامل والشامل لأغرب الشرائع المفقودة من كل كتب المنطق والقانون والعلوم السياسية والإجتماعية وحتى الإنسانية، بلد لا بل غابة بأمتياز! وهذه الغابة لا يحكمها منطق البقاء للأقوى فحسب، بل قوانين “شلمسطية” و “تشبيحية”، لبنان، حكومة، وشعباً، ومؤسسات (اذا في مؤسسات) وحتى كنشطاء، يعملون حرفياً وفق قانون ساكسونيا! هذا القانون يسير كل شيء في البلاد.
لمن لا يعرف، ساكسونيا هي مقاطعة المانية قديمة، قررت حاكمتها فجأة ان تطبق القانون والعدل على جميع سكان المقاطعة فأبتدعت مجموعة من الأحكام الغريبة، يقوم قانون ساكسونيا على تقسيم البشر الى صنفين، النبلاء، والرعاع، فإذا اقترف احد “الرعاع” ذنباً امسكوا به واوقفوه تحت الشمس وجلدوه حتى تسيل الدماء من ظهره، أما اذا كان المذنب من “النبلاء” فيقف تحت الشمس ويتم جلد ظله!، حتى في جرائم القتل، افتت حاكمة ساكسونيا بأن تقطع رقبة القاتل من “الرعاع” وراعت العدالة في هذا الأمر، بأن يقف النبيل ايضاً تحت الشمس ويقطعون رأس ظله.. يكثر خيرك والله!
في ساكسونيا اللبنانية يقسم الناس الى طبقتين ايضاً، “النبلاء” وهم كلاب 8 و 14 آذار وما لف لفهم، والرعاع وهم انا وانت وبقية الشعب اللبناني المغلوب على أمره. ويجري الحكم على الجميع وفق قانون ساكسونيا.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان يخرج احد “النبلاء” ببث مباشر على التلفاز ليعلن عن بدء او ختم العمليات العسكرية على جميع الأراضي اللبنانية فلا تجروء الدولة بأجهزتها إلا على معاتبة ظله، فيما تقوم بجمع الرعاع في مخفر حبيش لتفحص مؤخراتهم او مهابلهم.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان تلقي القوى الأمنية القبض على شابين من “الرعاع” بتهمة المثلية الجنسية وتزجهم في السجن، فيما ميليشيات النبلاء تتمختر وتتبختر في الشوارع تستعرض سلاحها.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان يلقى القبض على أكبر “نبيل” مخابراتي أدخل المتفجرات لإشعال فتنة، فيكتفون بالبحث عن قفل الباب المخلوع، فيما اذا سرق احد “الرعاع” رغيفاً ليأكل يجتمع الكل للرقص على جثته.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان يترك “النبيل” فايز كرم حراً طليقاً بعد الإكتفاء بسجن ظله، في الوقت الذي يرقد “الرعاع” امثال زاهد زغيب في المستشفى بين الحياة والموت.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان الميليشيات في طرابلس وبيروت كلها نبيلة، تطلق النار وتروع المواطنين فيقطعون رأس ظلها المسمى “دابر الفتنة”، اما اذا تجرأ احد الرعاع على ان يرفع صوته بوجه موظف يكادوا يقطعون لسانه.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان حقيراً مثل وئام وهاب ينتمي “للنبلاء” فلا يعد كلامه فتنة او تحريضاً، فيما فيلماً يظهر فيه ثدي احد الرعاع يمثل خطراً على الأمن القومي!!
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان رجلاً مثل احمد الأسير يقطع الطريق فيتمنون على ظله ان يفتحها، فيما ان اوقف احد الرعاع سيارته دقيقة زيادة عن “الباركميتر” تستنفر الدولة بأكملها لتجلده بـ 30 الف ليرة.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني ان يعفى عن نبلاء سوليدير وديونها، وتحجز ممتلكات احد الرعاع لأنه تخلف عن دفع 100 دولار قسط البنك.
قانون ساكسونيا اللبناني يعني انه ممكن للنبلاء ان يخرجوا بتصريحات من عيار “سنة، شيعة، موارنة، دروز..” فيكتفون بالإستنكار، اما اذا رسم احد الرعاع غرافيتي يدعو للتغير.. قامت الدنيا ولم تقعد
قانون ساكسونيا يعني ان ميليشيات سرقة البنوك ذنبها مغفور، وان كلسوناً على المسرح يستوجب الثبور وعظائم الأمور.
قانون ساكسونيا يعني ان تدفع 50 الف ليرة بدلاً لإستهلاك الكهرباء، و160 الف بدل إشتراك “موتير البناية” (وأير!! شو مادد خط من معمل دير عمار؟!)
الانكى من هذا كله، انه وفي كل مرة نحظى بالفرصة لتغيير قانون ساكسونيا والإنتفاضة على النبلاء، يقوم الرعاع انفسهم بقطع وجلد وسحل ظلهم قرباناً ليبق كل في مقامه، مبروك عليكم الحكم الساكسوني، كل 4 سنوات وانتم بخير.
اترك تعليقاً