خرية وانقسمت نصين

في يومنا هذا، حيث “أكل الخرا”ولا شيء غيره سمة المرحلة، يبدو جلياً اننا قد إجتزنا عنق الزجاجة، وحوصرنا في قعرها. مع ذلك تمعن شريحتان لبنانيتان في ممارسة طقوس الولاء الأعمى بالروح والدم لزعيم الطائفة والمذهب، او زعيم الحزب والملة، ولافرق طالما صنبور التحريض مفتوح على مجاري الكراهية التي فاضت، وتكاد تغرقنا جميعاً.

اسطوانة “لا” التي مللنا من سماعها على مدى 11 شهراً وصلت بالأمس الى لحنها التحريضي الأخير، ومع تشكيل حكومة “النعم” تغير نغمها لتعزف أرقى أصوات الكذب وتطرب جمهوراً خانعاً مطواعاً، يتململ قليلاً في سره، ثم ما يلبث ان يصفق طرباً على وقع التسويات التي ساقه اليها رب نعمته كدابة مقيدة بلجام.

بالأمس إجتمع جماعة “لا” مع جماعة “نعم” في مشهد سوريالي لم نشهد له مثيلاً حتى في أحلك عصور الدراما اللبنانية، جماع “اللائيون” مع “النعميون” أنجب حكومة “أكل الخرا”.

بالمناسبة، “أكل الخرا” ليس بشتيمة عزيزي القارىء، لم اصل الى الشتيمة بعد، وهي لاريب قادمة في سياق الحديث، إنما “أكل الخرا” هو توصيف شعبي لحالة من يسيء التصرف ويمعن في الغباء مسترسلاً في سمفونية ترهات وحماقة تبدو للوهلة الأولى لا نهاية لها، حتى يضاهي في الغباوة فعلة “أكل الخرا” الحقيقية، إذاً لا حرج، ولاضير من إستعمال المصطلح طالما انه يخدم في تفسيره ذات السياق.

في حكومة “أكل الخرا” توزيع طائفي – مذهبي، قبل التوزيع الحقائبي – الخدماتي – الحزبي، ففي بلد “الهبل” المستعر، من الطبيعي ان تعنون الصحف ان الوزير الفلاني من حصة الموارنة، وآخر من حصة الشيعة، والسنة، والأقليات، الى آخره، ثم في المرتبة الثانية تأتي مرحلة أخرى من التقطيع والتناهش السياسي، وزير من حصة الزعيم فلان، وآخر من حصة علتان، على أن حصة المواطن لا وجود لها، فالمعيار في حكومات “خراستان” لا يرتبط بالكفاءة، ولا بطول الباع، بل بطول اللسان والتشليف، وإلا كيف ينتقل زير الوزارات في بورصة الأسماء من الإتصالات الى الطاقة ثم الى المالية فالداخلية ليستقر أخيراً في الخارجية؟ هذا زير وزارات، يستنسخ تجربة زير نساء مفضوح..

لحكومات “أكل الخرا” إستراتيجيات، تعللها لجماهير “لا” ، بحيث يصبح الخائن العميل إبن الستين ألف كلب المعروف سعره في سوق التجسس زميلاً، هكذا ببساطة تنتفي عنه كل ما اتهم به سابقاً، ويمحى بضربة قلم ما إجتره جمهور “لا” عن الرجل ، والحال ذاته لجمهور “نعم” بحيث يصبح القاتل ابن الفئة القاتلة التي استجلبت الدمار والتكفير الى “خراستان” شريكاً مُدت له يد التعاون بطيبة خاطر، ولا تكتمل إلياذة الكذب إلا بإضافة تعليل “المصلحة الوطنية العليا” فيستحي العقل عن التفكير، واللسان عن النطق، وحتى العين عن النظر أمام فيض المشاعر الوطنية الجياشة، من يجرؤ على الإعتراض على ملصحة الوطن العليا؟ من؟!!.

مؤهلات وزير
نموذج عن مؤهلات وزير

في حكومة “أكل الخرا”، وزير سيرته الذاتية تسهب في شرح كيفية تصديه للمشروع الإرهابي القاتل منذ ان إنخرط مراهقاً في صفوف حزبه الهمام، يليه في الترتيب سيرة ذاتية لخرائي آخر تشرح كيفية تبنيه المشروع الإرهابي القاتل بحسب الأول.

في حكومة “أكل الخرا”، يجلس قائد محور الميليشيات جنباً الى جنب مع مغتصب صناديق التعويضات، يتناغشان بأرقى مشاعر “الفالنتاين” مع ثالث مؤهله الوحيد للوزارة انه صدف ان احتاجوا لطائفته لتعويم التركيبة.

في حكومة “أكل الخرا”، بات الخائن شريكاً، والمجرم صديقاً، والشتام شاعر بلاط مداح، فيما جماهير “لا” لا تفقه شيئاً بل تصفق حتى وان كانت تتململ في سرها، قبل ان يهتز الأصبع على الشاشة فتصمت، توازيها جماهير “نعم” المحتارة بين تصنيفه إنتصاراً أم إنكسار؟..

مبارك لخراستان حكومة الخرا الوطنية، لا أدام الله اطيافها، ولا أطال بعمرها، ولا أرانا فيها حسناً بل مكروها، ولا أدامكم على جهلكم وخضوعكم، ولا اطال بعمر طوائفكم يوماً واحداً.

مبارك لجماهير لا ونعم، زعمائكم “أكيلة خرا”، وانتم الى الخرا لعائدون.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *