اسبوع مر على التحقيق معي في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية بعد اشارة من القضاء المختص بالتحقيق مع مالك المدونة هذه، هذا كله لأن الوزير مانجيان “أخد على خاطره” من طلبي منه ان “يحلق شاربيه” واعتبره قدحاً وذماً يستوجب توقيع اقصى العقوبة عليّ، فيما لم يجد الوزير المذكور حرجاً في فعلته التي تناولتها في التدوينة لجهة اقدامه ومرافقيه على التعرض للمحامي جيمي حدشيتي وتهديده بسلاح رشاش على الطريق العام بسبب خلاف على افضلية المرور.
للأمانة، ليست العلة في الوزير المذكور وحده، بل هي قصة طبقة سياسية حقيرة “بأمها وأبوها” وبكامل اطيافها من 8 و 14 وباقي “الهلاهيل الفراطة”، هذه الطبقة التنحة من أمراء الحرب والطوائف تظن انها أكبر واعلى شأناً من ان تخضع للمحاسبة، حتى صُور لها قداستها ومناعتها وطفقت تعامل البشر وكأنهم عبيد و “وجعة راس”، لا هم ان تدوس على كراماتهم إن كان بسياساتها وارتهانها لقوى اقليمية، او تصريحاتها وطائفيتها المقيتة، حتى وصل بها الأمر الى حد استعدادها للدوس على المواطنين وسياراتهم وممتلكاتهم لأن وقت الأسياد من ذهب، ووقت العبيد بل وحياتهم لا قيمة لها.
لأجل ذلك والكثير من الأسباب الأخرى تناولت موضوع مانجيان، ورفضت خلال التحقيق ان اوقع على اي تعهد بعدم التعرض له (أو لأي مسؤول مستهتر) بأي مقالة او نقد طالما انهم يتصرفون على هذا المنوال، لكن كل تلك الضجة التي تلت الحادثة، اضافة الى الحلقة مع ديما صادق، لم تمنع مرافق سعادة (أو تعاسة) النائب الجبيلي عباس هاشم ولا النائب نفسه من التعاطي بفوقية مع مواطنة لبنانية أخرى هي مايا خوري بعد ان ضربت سيارة معاليه سيارة مايا في خلال محاولتها تخطي زحمة السير، فمرافق معاليه ينهل من مدرسة الفوقية ذاتها على ما يبدو.
في التفاصيل، انه وبتاريخ 18 آذار (اي الثلاثاء الماضي)، وبينما كانت المواطنة مايا خوري في سيارتها في منطقة العدلية، مرت سيارة اخرى محاولة تجاوزها في مخالفة واضحة لكل معايير السلامة المرورية وقوانين السير، ما أدى الى احتكاك السيارتين ببعضهما، فيما لم يبالي السائق، اطلقت مايا نفير سيارتها مراراً وتكراراً للسيارة التي تجاوزتها، ففتح السائق شباكه وأشار لها ان تتبعه.
خافت مايا من ان تتبع السائق، وطلبت من شرطي السير الموجود في المكان تسجيل رقم اللوحة ففعل، وبإتصالها برقم الطوارىء 112 لم يجدوا رقماً لصاحب السيارة، غير ان مايا استطاعت ان تحصل على اسم المالك ليتبين انه سعادة نائب الأمة عباس هاشم.
اتصلت مايا بالنائب هاشم فأنكر ومرافقه الحادثة في البداية، ثم اعترف وعرض اصطحاب السيارة الى ورشة التصليح، ورفضت مايا الأمر وطلبت ان تصلح السيارة بنفسها مقابل ان ترسل له الفاتورة. بعد اخذ ورد “ضاق خلق” سعادته وبدأ يكلمها بإستعلاء ثم اغلق الهاتف في وجهها.
ولما عاود والد مايا الإتصال بسعادة النائب تكررت نبرة الإستعلاء ثم في اتصال آخر اعاد سعادته اقفال الهاتف في وجه المتصل.
للأمانة، ان مانجيان ايضاً (وفقط بعد ان تنبه الى شارة نقابة المحامين على سيارة المواطن جيمي حدشيتي) حاول الإعتذار ودعوته الى العشاء فرفض الأخير وتمسك بحقه في اللجوء الى القضاء، اما النائب الجبيلي، ولسوء حظه ايضاً، لم يتنبه ان مايا ناخبة جبيلية، اي انها تنتخب في دائرته التي يفترض به ان يمثلها… اتسمع يا سعادة النائب المنتهية ولايته و الممدد لنفسه (ولأصحابه) لاشرعياً؟
ماذا لو لم يكن جيمي حدشيتي محامياً؟ هل كان الوزير مانجيان ليعتذر منه خوفاً من الفضيحة وبعد ان توسط له النائب أميل رحمة؟
ماذا لو لم تمتلك مايا الجرأة لتتكلم وتخبرنا ما جرى؟ ما ينقص فقط هو ان يمننا النائب عباس هاشم ببيعنا البنزين من محطاته.
كم مواطن لبناني يتعرض للموقف ذاته يومياً دون ان يجرؤ على الكلام، لأنه يعتقد انه “مش قد المسؤول المدعوم؟”
من يمنح هؤلاء هذا الشعور بالقداسة الزائفة حتى يظنون انهم فوق المحاسبة؟ وان بأستطاعتهم الدوس على كراماتنا كيفما اتفق؟
ما رأي حضرات السادة اعضاء الطبقة السياسية اللبنانية البالية ان نترك اشغالنا واعمالنا (هيدا إذا في) ونتفرغ لنكتب عن ضحاياهم على الطرقات؟
لا يا عزيزي، وقتهم ليس أثمن من حياتنا، هذه الطبقة السياسية البالية ليست مقدسة، وليست منزهة عن النقد والملاحقة، من يتعاطى مع المواطن بدونية ومن يستغل منصبه للترهيب سيدفع الثمن هنا، نحن اناس سلميون لا عنفيون، لا نحمل السلاح ولا نملك مرافقين ولا حاشية، نحن نمتلك السنة طويلة ومدونات ومواقع، اسكتونا إن استطعتم.
اترك تعليقاً