في العام 1904، خرج علينا الكاتب الأميريكي وليام بورتر بقصة جمهورية الموز، وهو مصطلح للسخرية من الحكومات والأنظمة الفاشلة التي تعاني من الضعف والوهن السياسي ويغيب عنها الاستقرار، ليطلق المصطلح لاحقاً للتهكم على الحكومات التي تسمح ببناء مستعمرات زراعية شاسعة على أراضيها مقابل المردود المالي.
في لبنان ليس هناك من إمبراطوريات للموز بالطبع، ولا للزراعة حصراً، انما يسمح النظام اللبناني الهش ببناء جميع انواع المستعمرات والمربعات الخاصة، وعوضاً عن الموز، تنتج هذه المستعمرات الموت والفساد، ومحصولها مادي بإمتياز، من مستعمرات السلاح المتفلت، والمخدرات، الى النهب والسرقة. خذ مثلاً مستعمرة المطار مزرعة الفساد والتهريب، ومزرعة المرفأ مرتع النصابين، ومستعمرات الأدوية الفاسدة، الى ما هنالك من مربعات متفلتة تزرع الموت وتحصد المال.
في خضم كل هذه المعمعة، تغيب الدولة اللبنانية عن مستعمرات الدين والتطرف، تغيب عن حصرية السلاح الشرعي، تغيب عن مستعمرات التسليح، والنهب والفساد، حتى غابت الجمهورية بروحها ونصها ودستورها عن مستعمرة مجلس النواب، وعن قصر الرئاسة، هناك يغيب لبنان بأكمله عن كل ما فيه.
لكن يحدث ان تحضر الدولة احياناً، لتتنمر بائع فجل بسيط لا تتجاوز قيمة كل بضاعته مبلغ 20 الف ليرة (13 دولار) فتستذكر جمهورية الفجل هيبتها، وتهب للدفاع عن سيادة القانون، فتصادر العربة وتتلف محتوياتها بحجة غياب الرخصة.
في جمهورية الفجل الممنوع، لا يحتاج الأر بي جي الى رخصة، ولا الموت المجاني الى مبرر… انما الفجل! لعن الله الفجل، استحال آفة مجتمعية يستدعي استحضار عناصر الأمن لمصادرته واتلافه.
تقول النكتة المتداولة، انه في احدى المرات امسك الدرك بمواطن يقضم فجلة، ولما هموا بتوقيفه قال هذه مخدرات، فتركوه في حال سبيله.
اترك تعليقاً